وقال زيد بن أسلم قوله تعالى :﴿ ذلك ما كنت منه تحيد ﴾ [ ق : ١٩ ] وقوله تعالى :﴿ لقد كنت ﴾ الآية، مخاطبة لمحمد ﷺ، والمعنى أنه خوطب بهذا في الدنيا، أي لقد كنت يا محمد في غفلة من معرفة هذا القصص والغيب حتى أرسلناك وأنعمنا عليك وعلمناك، ﴿ فبصرك اليوم حديد ﴾، وهذا التأويل يضعف من وجوه، أحدها أن الغفلة إنما تنسب أبداً إلى مقصر، ومحمد ﷺ لا تقصير له قبل بعثه ولا بعده وثان : أن قوله : بعد هذا :﴿ وقال قرينه ﴾ يقتضي أن الضمير إنما يعود على أقرب مذكور، وهو الذي يقال له ﴿ فبصرك اليوم حديد ﴾ وإن جعلناه عائداً على ذي النفس في الآية المتقدمة جاء هذا الاعتراض لمحمد ﷺ بين الكلامين غير متمكن فتأمله. وثالث : أن معنى توقيف الكافر وتوبيخه على حاله في الدنيا يسقط، وهو أحرى بالآية وأولى بالرصف، والوجه عندي ما قاله الحسن وسالم بن عبد الله إنها مخاطبة للإنسان ذي النفس المذكورة من مؤمن وكافر.
و: ﴿ فكشفنا عنك غطاءك ﴾، قال ابن عباس : هي الحياة بعد الموت، وينظر إلى معنى كشف الغطاء قول النبي ﷺ :" الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا ".
وقوله تعالى :﴿ وقال قرينه هذا ما لدي عتيد ﴾، قال جماعة من المفسرين :﴿ قرينه ﴾ من زبانية جهنم، أي قال هذا العذاب الذي لدي لهذا الإنسان الكافر حاضر عتيد، ففي هذا تحريض على الكافر واستعجال به. وقال قتادة وابن زيد :﴿ قرينه ﴾ الملك الموكل بسوقه، فكأنه قال : هذا الكافر الذي جعل إلى سوقه، فهو لدي حاضر. وقال الزهراوي وقيل :﴿ قرينه ﴾ شيطانه.
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف، وإنما أوقع فيه أن القرين في قوله :﴿ قال قرينه ربنا ما أطغيته ﴾ هو شيطانه في الدنيا ومغويه بلا خلاف.


الصفحة التالية
Icon