لفتك الأمين على نابل... يريد ارم ارم. وقال بعض المتأولين :" ألقين " فعوض من النون ألف كما تعوض من التنوين. وقال جماعة من أهل العلم بكلام العرب : هذا جرى على عادة العرب، وذلك أنها كان الغالب عندها أن تترافق في الأسفار ونحوها ثلاثة، فكل واحد منهم يخاطب اثنين، فكثر ذلك في أشعارها وكلامها حتى صار عرفاً في المخاطبة، فاستعمل في الواحد، ومن هذا قولهم في الأشعار : خليلي، وصاحبي، وقفا نبك ونحوه، وقد جرى المحدثون على هذا الرسم، فيقول الواحد : حدثنا، وإن كان سمع وحده، ونظير هذه الآية في هذا القول قول الزجاج : يا حارسي اضربا عنقه، وهو دليل على عادة العرب، ومنه قول الشاعر [ سويد بن كراع العكلي ] :[ الطويل ]
فإن تزجراني بابن عفان أنزجر... وإن تدعاني أحم عرضاً ممنعا
وقرأ الحسن بن أبي الحسن :" ألقين " بتنوين الياء و: ﴿ كفار ﴾ مبالغة. و: ﴿ عنيد ﴾ معناه : عاند عن الحق أي منحرف عنه.
وقوله تعالى :﴿ مناع للخير ﴾ لفظ عام للمال والكلام الحسن والمعاون على الأشياء. وقال قتادة ومجاهد وعكرمة، معناه : الزكاة المفروضة، وهذا التخصيص ضعيف، و: ﴿ معتد ﴾ معناه : بلسانه ويده. و: ﴿ مريب ﴾ معناه : متلبس بما يرتاب به، أراب الرجل : إذا أتى بريبة ودخل فيها. قال الثعلبي قيل نزلت في الوليد بن المغيرة.
وقال الحسن :﴿ مريب ﴾ شاك في الله تعالى ودينه.
وقوله تعالى :﴿ الذي جعل ﴾ الآية يحتمل أن يكون ﴿ الذي ﴾ بدلاً من ﴿ كفار ﴾ ويحتمل أن يكون صفة له من حيث تخصص ﴿ كفار ﴾ بالأوصاف المذكورة فجاز وصفه بهذه المعرفة، ويحتمل أن يكون ﴿ الذي ﴾ ابتداء وخبره قوله :﴿ فألقياه ﴾ ودخلت الفاء في قوله :﴿ فألقياه ﴾ للإبهام الذي في ﴿ الذي ﴾، فحصل الشبه بالشرط وفي هذا نظر.