وقيل : النقب الطريق في الجبل، وكذلك الْمَنْقَب والْمَنْقَبَة ؛ عن ابن السكيت.
ونَقَب الجدار نَقْباً، واسم تلك النَّقْبة نَقْب أيضاً، وجمع النَّقْب النُّقُوب ؛ أي خرقوا البلاد وساروا في نقوبها.
وقيل : أَثَّرُوا فيها كتأثير الحديد فيما ينقب.
وقرأ السُّلَمي ويحيى بن يَعْمَر "فَنَقِّبُوا" بكسر القاف والتشديد على الأمر بالتهديد والوعيد ؛ أي طَوِّفوا البلاد وسيروا فيها فانظروا ﴿ هَلْ مِن ﴾ الموت ﴿ مَّحِيصٍ ﴾ ومهرب ؛ ذكره الثعلبي.
وحكى القشيريّ "فَنَقِبُوا" بكسر القاف مع التخفيف ؛ أي أكثروا السير فيها حتى نَقِبت دوابُّهم.
الجوهري : ونَقِب البعيرُ بالكسر إذا رَقّت أخفافُه، وأنقب الرجلُ إذا نَقِب بعيرُه، ونَقِب الخفُّ الملبوس أي تخرّق.
والمحِيص مصدر حاص عنه يَحِيص حَيْصاً وحُيوصاً ومَحِيصاً ومَحاصاً وحَيَصاناً ؛ أي عَدلَ وحادَ.
يقال : ما عنه مَحِيص أي مَحِيد ومَهْرَب.
والانحياص مثله ؛ يقال للأولياء : حاصوا عن العدوّ وللأعداء انهزموا.
قوله تعالى :﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لذكرى ﴾ أي فيما ذكرناه في هذه السورة تذكرة وموعظة ﴿ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ ﴾ أي عقل يتدبر به ؛ فكنى بالقلب عن العقل لأنه موضعه ؛ قال معناه مجاهد وغيره.
وقيل : لمن كان له حياة ونفس مميزة، فعبر عن النفس الحية بالقلب ؛ لأنه وطنها ومعدن حياتها ؛ كما قال امرؤ القيس :
أَغَرَّكِ منِّي أَنَّ حُبَّكِ قاتِلي...
وَأَنَّكِ مَهْمَا تَأْمُرِي الْقَلْبَ يَفْعَلِ
وفي التنزيل :﴿ لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً ﴾ [ يس : ٧٠ ].
وقال يحيى بن معاذ : القلب قلبان ؛ قلب محتشٍ بأشغال الدنيا حتى إذا حضر أمر من الأمور الآخرة لم يدر ما يصنع، وقلب قد احتشى بأهوال الآخرة حتى إذا حضر أمر من أمور الدنيا لم يدر ما يصنع لذهاب قلبه في الآخرة.
﴿ أَوْ أَلْقَى السمع ﴾ أي استمع القرآن.
تقول العرب : ألق إليّ سمعك أي استمع.