والسكرة : هي الحق، فأضيفت إلى نفسها لاختلاف اللفظين، وقيل : الباء للملابسة كالتي في قوله :﴿ تَنبُتُ بالدهن ﴾ [ المؤمنون : ٢٠ ] أي : ملتبسة بالحق، أي : بحقيقة الحال، والإشارة بقوله :﴿ ذلك ﴾ إلى الموت، والحيد : الميل، أي : ذلك الموت الذي كنت تميل عنه، وتفرّ منه، يقال : حاد عن الشيء يحيد حيوداً، وحيدة وحيدودة : مال عنه وعدل، ومنه قول طرفة :
أبو منذر رمت الوفاء فهبته... وحدت كما حاد البعير عن الدحض
وقال الحسن : تحيد : تهرب ﴿ وَنُفِخَ فِى الصور ﴾ عبّر عنه بالماضي ؛ لتحقق وقوعه، وهذه هي النفخة الآخرة للبعث ﴿ ذَلِكَ يَوْم الوعيد ﴾ أي : ذلك الوقت الذي يكون فيه النفخ في الصور يوم الوعيد الذي أوعد الله به الكفار.
قال مقاتل : يعني بالوعيد : العذاب في الآخرة، وخصّص الوعيد مع كون اليوم هو يوم الوعد والوعيد جميعاً لتهويله.
﴿ وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ﴾ أي : جاءت كل نفس من النفوس معها من يسوقها، ومن يشهد لها، أو عليها.
واختلف في السائق والشهيد، فقال الضحاك : السائق من الملائكة، والشهيد من أنفسهم، يعني : الأيدي والأرجل.
وقال الحسن، وقتادة : سائق يسوقها، وشاهد يشهد عليها بعملها، وقال ابن مسلم : السائق : قرينها من الشياطين، سمي سائقاً لأنه يتبعها وإن لم يحثها.
وقال مجاهد : السائق والشهيد ملكان.
وقيل : السائق : الملك، والشهيد : العمل، وقيل : السائق : كاتب السيئات، والشهيد : كاتب الحسنات، ومحل الجملة النصب على الحال ﴿ لَّقَدْ كُنتَ فِى غَفْلَةٍ مّنْ هذا ﴾ أي : يقال له : لقد كنت في غفلة من هذا، والجملة في محل نصب على الحال من ﴿ نفس ﴾، أو مستأنفة كأنه قيل : ما يقال له، قال الضحاك : المراد بهذا : المشركون ؛ لأنهم كانوا في غفلة من عواقب أمورهم.
وقال ابن زيد : الخطاب للنبيّ ﷺ، أي : لقد كنت يا محمد في غفلة من الرسالة.