وقال أكثر المفسرين : المراد به جميع الخلق برّهم، وفاجرهم، واختار هذا ابن جرير.
قرأ الجمهور بفتح التاء من ﴿ كنت ﴾، وفتح الكاف في ﴿ غطاءك ﴾، و ﴿ بصرك ﴾ حملاً على ما في لفظ ﴿ كل ﴾ من التذكير.
وقرأ الجحدري، وطلحة بن مصرف بالكسر في الجميع على أن المراد النفس ﴿ فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ ﴾ الذي كان في الدنيا، يعني : رفعنا الحجاب الذي كان بينك وبين أمور الآخرة، ورفعنا ما كنت فيه من الغفلة عن ذلك ﴿ فَبَصَرُكَ اليوم حَدِيدٌ ﴾ أي : نافذ تبصر به ما كان يخفى عليك في الدنيا.
قال السديّ : المراد بالغطاء : أنه كان في بطن أمه فولد، وقيل : إنه كان في القبر فنشر، والأوّل أولى.
والبصر قيل : هو بصر القلب، وقيل : بصر العين، وقال مجاهد : بصرك إلى لسان ميزانك حين توزن حسناتك وسيئاتك، وبه قال الضحاك.
﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هذا مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ ﴾ أي قال الملك الموكل به : هذا ما عندي من كتاب عملك عتيد حاضر قد هيأته، كذا قال الحسن، وقتادة، والضحاك.
وقال مجاهد : إن الملك يقول للربّ سبحانه : هذا الذي وكلتني به من بني آدم قد أحضرته، وأحضرت ديوان عمله.
وروي عنه أنه قال : إن قرينه من الشياطين يقول ذلك أي : هذا ما قد هيأته لك بإغوائي وإضلالي.
وقال ابن زيد : إن المراد هنا قرينه من الإنس، وعتيد مرفوع على أنه صفة لما إن كانت موصوفة، وإن كانت موصولة فهو خبر بعد خبر، أو خبر مبتدأ محذوف ﴿ أَلْقِيَا فِى جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ هذا خطاب من الله عزّ وجلّ للسائق والشهيد.
قال الزجاج : هذا أمر للملكين الموكلين به وهما السائق، والشاهد : كل كفار للنعم عنيد مجانب للإيمان ﴿ مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ ﴾ لا يبذل خيراً ﴿ مُعْتَدٍ ﴾ ظالم لا يقرّ بتوحيد الله ﴿ مُرِيبٍ ﴾ شاكّ في الحق، من قولهم أراب الرجل : إذا صار ذا ريب.