وقيل : هو خطاب للملكين من خزنة النار، وقيل : هو خطاب لواحد على تنزيل تثنية الفاعل منزلة تثنية الفعل وتكريره.
قال الخليل، والأخفش : هذا كلام العرب الصحيح أن يخاطب الواحد بلفظ الاثنين يقولون : ارحلاها وازجراها، وخذاه وأطلقاه للواحد.
قال الفراء : العرب تقول للواحد : قوما عنا.
وأصل ذلك أن أدنى أعوان الرجل في إبله وغنمه ورفقته في سفره اثنان، فجرى كلام الرجل للواحد على ذلك، ومنه قولهم للواحد في الشعر : خليليّ كما قال امرؤ القيس :
خليلي مرّا بي على أم جندب... نقض لبانات الفؤاد المعذب
وقوله :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل... بسقط اللوى بين الدخول فحومل
وقول الآخر :
فإن تزجراني يابن عفان أنزجر... وإن تدعواني أحم عرضاً ممنعا
قال المازني : قوله :﴿ أَلْقِيَا ﴾ يدل على ألق ألق.
قال المبرد : هي تثنية على التوكيد، فناب ألقيا مناب ألق ألق.
قال مجاهد، وعكرمة : العنيد : المعاند للحق، وقيل : المعرض عن الحق، يقال : عند يعند بالكسر عنوداً : إذا خالف الحق ﴿ الذى جَعَلَ مَعَ الله إلها ءاخَرَ ﴾ يجوز أن يكون بدلاً من ﴿ كل ﴾، أو منصوباً على الذم، أو بدلاً من ﴿ كفار ﴾، أو مرفوعاً بالابتداء، أو الخبر ﴿ فألقياه فِى العذاب الشديد ﴾ تأكيد للأمر الأول، أو بدل منه ﴿ قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ﴾ هذه الجملة مستأنفة لبيان ما يقوله القرين، والمراد بالقرين هنا : الشيطان الذي قيض لهذا الكافر، أنكر أن يكون أطغاه، ثم قال :﴿ ولكن كَانَ فِى ضلال بَعِيدٍ ﴾ أي : عن الحق فدعوته، فاستجاب لي، ولو كان من عبادك المخلصين لم أقدر عليه، وقيل : إن قرينه الملك الذي كان يكتب سيئاته، وإن الكافر يقول : ربّ إنه أعجلني فيجيبه بهذا، كذا قال مقاتل، وسعيد بن جبير، والأوّل أولى، وبه قال الجمهور.


الصفحة التالية
Icon