وقيل : بسلام من الله وملائكته، وقيل : بسلامة من زوال النعم، وهو متعلق بمحذوف هو حال، أي : ملتبسين بسلام، والإشارة بقوله :﴿ ذلك ﴾ إلى زمن ذلك اليوم، كما قال أبو البقاء، وخبره ﴿ يَوْمُ الخلود ﴾ وسماه يوم الخلود لأنه لا انتهاء له، بل هو دائم أبداً ﴿ لَهُم مَّا يَشَاءونَ فِيهَا ﴾ أي : في الجنة ما تشتهي أنفسهم، وتلذ أعينهم من فنون النعم وأنواع الخير ﴿ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ من النعم التي لم تخطر لهم على بال، ولا مرّت لهم في خيال.
وقد أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد، عن النبيّ ﷺ قال :"نزل الله من ابن آدم أربع منازل : هو أقرب إليه من حبل الوريد، وهو يحول بين المرء وقلبه، وهو آخذ بناصية كل دابة، وهو معهم أينما كانوا".
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ مِنْ حَبْلِ الوريد ﴾ قال : عروق العنق.
وأخرج ابن المنذر عنه قال : هو نياط القلب.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً، في قوله :﴿ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ قال : يكتب كل ما تكلم به من خير أو شرّ حتى إنه ليكتب قوله : أكلت، شربت، ذهبت، جئت، رأيت، حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله فأقرّ منه ما كان من خير أو شرّ وألقى سائره، فذلك قوله :﴿ يَمْحُو الله مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ ﴾ [ الرعد : ٣٩ ].
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس في الآية قال : إنما يكتب الخير والشرّ، لا يكتب يا غلام اسرج الفرس، يا غلام اسقني الماء.


الصفحة التالية
Icon