وقال غيره، المراد الملك لا الشيطان، وهذا يصلح دليلاً لمن قال ذلك، وبيانه هو أنه في الأول لو كان المراد الشيطان، فيكون قوله ﴿هذا مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ﴾ [ ق : ٢٣ ] معناه هذا الشخص عندي عتيد متعد للنار اعتدته بإغوائي، فإن الزمخشري صرّح في تفسير تلك بهذه، وعلى هذا فيكون قوله ﴿رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ﴾ مناقضاً لقوله اعتدته وللزمخشري أن يقول الجواب : عنه من وجهين أحدهما : أن يقول إن الشيطان يقول اعتدته بمعنى زينت له الأمر وما ألجأته فيصح القولان من الشيطان وثانيهما : أن تكون الإشارة إلى حالين : ففي الحالة الأولى إنما فعلت به ذلك إظهاراً للانتقام من بني آدم، وتصحيحاً لما قال :﴿فَبِعِزَّتِكَ لأَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ ص : ٨٢ ] ثم إذا رأى العذاب وأنه معه مشترك وله على الإغواء عذاب، كما قال تعالى :﴿فالحق والحق أَقُولُ * لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ﴾ [ ص : ٨٤، ٨٥ ] فيقول ﴿رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ﴾ فيرجع عن مقالته عند ظهور العذاب.
المسألة الثانية :
قال ههنا ﴿قَالَ قرِينُهُ﴾ من غير واو، وقال في الآية الأولى ﴿وَقَالَ قَرِينُهُ﴾ [ ق : ٢٣ ] بالواو العاطفة، وذلك لأن في الأول الإشارة وقعت إلى معنيين مجتمعين، وأن كل نفس في ذلك الوقت تجيء ومعها سائق، ويقول الشهيد ذلك القول، وفي الثاني لم يوجد هناك معنيان مجتمعان حتى يذكر بالواو، والفاء في قوله ﴿فألقياه فِى العذاب﴾ [ ق : ٢٦ ] لا يناسب قوله تعالى :﴿قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ﴾ مناسبة مقتضية للعطف بالواو.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon