والمعنى على الذين خَشُوا : خشي صاحب هذا الاسم، فأنتم لا حَظَّ لكم في الجنة لأنكم تنكرون أن الله رحمان بَلْهَ أن تخْشَوْه.
ووصفُ قلب بـ ﴿ مُّنِيب ﴾ على طريقة المجاز العقلي لأن القلب سبب الإنابة لأنه الباعث عليها.
وجملة ﴿ ادخلوها بسلام ﴾ من تمام مقول القول المحذوف.
وهذا الإذن من كمال إكرام الضيف أنه إن دُعِي إلى الوليمة أو جيء به فإنه إذا بلغ المنزل قيل له : ادخل بسَلام.
والباء في ﴿ بسلام ﴾ للملابسة.
والسلام : السلامة من كل أذى من تعب أو نصب، وهو دعاء.
ويجوز أن يراد به أيضاً تسليم الملائكة عليهم حين دخولهم الجنة مثل قوله :﴿ سلام قولاً من رب رحيم ﴾ [ يس : ٥٨ ].
ومحل هذه الجملة من التي قبلها الاستئناف البياني لأن ما قبلها يثير ترقب المخاطبين للإذن بإنجاز ما وعدوا به.
وجملة ﴿ ذلك يوم الخلود ﴾ يجوز أن تكون مما يقال للمتقين على حد قوله :﴿ فادخلوها خالدين ﴾ [ الزمر : ٧٣ ]، والإشارة إلى اليوم الذي هم فيه.
وكان اسم الإشارة للبعيد للتعظيم.
ويجوز أن تكون الإشارة إلى اليوم المذكور في قوله :﴿ يوم يقول لجهنم هل امتلات ﴾ [ ق : ٣٠ ] فإنه بعد أن ذكر ما يلاقيه أهل جهنم وأهل الجنة أعقبه بقوله :﴿ ذلك يوم الخلود ﴾ ترهيباً وترغيباً، وعلى هذا الوجه الثاني تكون هذه الجملة معترضة اعتراضاً موجهاً إلى المتقين يوم القيامة أو إلى السامعين في الدنيا.
وعلى كلا الوجهين فإضافة ﴿ يوم ﴾ إلى ﴿ الخلود ﴾ باعتبار أن أول أيام الخلود هي أيام ذات مقادير غير معتادة، أو باعتبار استعمال ﴿ يوم ﴾ بمعنى مطلق الزمان.
وبين كلمة ﴿ ادخلوها ﴾ وكلمة ﴿ الخلود ﴾ الجناس المقلوب الناقص، ثم إن جملة ﴿ لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد ﴾ يجوز أن تكون من بقية ما يقال للمتقين ابتداء من قوله :﴿ هذا ما توعدون لكل أوّاب حفيظ ﴾ فيكون ضمير الغيبة التفاتاً وأصله : لكم ما تشاؤون.