فصل
قال الفخر :
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨) ﴾
أعاد الدليل مرة أخرى، وقد ذكرنا تفسير ذلك في الم السجدة، وقلنا : إن الأجسام ثلاثة أجناس.
أحدها : السموات، ثم حركها وخصصها بأمور ومواضع وكذلك الأرض خلقها، ثم دحاها وكذلك ما بينهما خلق أعيانها وأصنافها ﴿فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ إشارة إلى ستة أطوار، والذي يدل عليه ويقرره هو أن المراد من الأيام لا يمكن أن يكون هو المفهوم في وضع اللغة، لأن اليوم عبارة في اللغة عن زمان مكث الشمس فوق الأرض من الطلوع إلى الغروب، وقبل السموات لم يكن شمس ولا قمر لكن اليوم يطلق ويراد به الوقت يقال يوم يولد للملك ابن يكون سرور عظيم ويوم يموت فلان يكون حزن شديد، وإن اتفقت الولادة أو الموت ليلاً ولا يتعين ذلك ويدخل في مراد العاقل لأنه أراد باليوم مجرد الحين والوقت، إذا علمت الحال من إضافة اليوم إلى الأفعال فافهم ما عند إطلاق اليوم في قوله :﴿سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ وقال بعض المفسرين : المراد من الآية الرد على اليهود، حيث قالوا : بدأ الله تعالى خلق العالم يوم الأحد وفرغ منه في ستة أيام آخرها يوم الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على عرشه فقال تعالى :﴿وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ﴾ رداً عليهم، والظاهر أن المراد الرد على المشرك والاستدلال بخلق السموات والأرض ومما بينهما وقوله تعالى :﴿وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ﴾ أي ما تعبنا بالخلق الأول حتى لا نقدر على الإعادة.