أحدهما : أن يكون قوله ﴿لَدَىَّ﴾ متعلقاً بالقول أي ﴿مَا يُبَدَّلُ القول لَدَىَّ﴾ وثانيهما : أن يكون ذلك متعلقاً بقوله ﴿مَا يُبَدَّلُ﴾ أي لا يقع التبديل عندي، وعلى الوجه الأول في القول الذي لديه وجوه أحدها : هو أنهم لما قالوا حتى يبدل ما قيل في حقهم ﴿أَلْقِيَا﴾ [ ق : ٢٤ ] بقول الله بعد اعتذارهم لا تلقياه فقال تعالى : ما يبدل هذا القول لدي، وكذلك قوله ﴿وَقِيلَ ادخلوا أبواب جَهَنَّمَ﴾ [ الزمر : ٧٢ ] لا تبديل له ثانيها : هو قوله ﴿ولكن حَقَّ القول مِنْى لأمْلانَّ جَهَنَّمَ﴾ [ السجدة : ١٣ ] أي لا تبديل لهذا القول ثالثها : لا خلف في إيعاد الله تعالى كما لا إخلاف في ميعاد الله، وهذا يرد على المرجئة حيث قالوا ما ورد في القرآن من الوعيد، فهو تخويف لا يحقق الله شيئاً منه، وقالوا الكريم إذا وعد أنجز ووفى، وإذا أوعد أخلف وعفا رابعها : لا يبدل القول السابق أن هذا شقي، وهذا سعيد، حين خلقت العباد، قلت هذا شقي ويعمل عمل الأشقياء، وهذا تقي ويعمل عمل الأتقياء، وذلك القول عندي لا تبديل له بسعي ساع ولا سعادة إلا بتوفيق الله تعالى، وأما على الوجه الثاني ففي ﴿مَا يُبَدَّلُ﴾ وجوه أيضاً أحدها : لا يكذب لدي ولا يفتري بين يدي، فإني عالم علمت من طغى ومن أطغى، ومن كان طاغياً ومن كان أطغى، فلا يفيدكم قولكم أطغاني شيطاني، ولا قول الشيطان ﴿رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ﴾ [ ق : ٢٧ ] ثانيها : إشارة إلى معنى قوله تعالى :﴿ارجعوا وَرَاءكُمْ فالتمسوا نُوراً﴾ [ الحديد : ١٣ ] كأنه تعالى قال لو أردتم أن لا أقول فألقياه في العذاب الشديد كنتم بدلتم هذا من قبل بتبديل الكفر بالإيمان قبل أن تقفوا بين يدي، وأما الآن فما يبدل القول لدي كما قلنا في قوله تعالى :﴿قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ﴾ [ ق : ٢٨ ] المراد أن اختصامكم كان يجب أن يكون قبل هذا حيث قلت ﴿إِنَّ الشيطان لَكُمْ عَدُوٌّ فاتخذوه عَدُوّاً﴾ [ فاطر