: ٦ ] ثالثها : معناه لا يبدل الكفر بالإيمان لدي، فإن الإيمان عند اليأس غير مقبول فقولكم ربنا وإلهنا لا يفيدكم فمن تكلم بكلمة الكفر لا يفيده قوله ربنا ما أشركنا وقوله ربنا آمنا وقوله تعالى :﴿مَا يُبَدَّلُ القول﴾ إشارة إلى نفي الحال كأنه تعالى يقول ما يبدل اليوم لدي القول، لأن ما ينفي بها الحال إذا دخلت على الفعل المضارع، يقول القائل ماذا تفعل غداً ؟ يقال ما أفعل شيئاً أي في الحال، وإذا قال القائل ماذا يفعل غداً، يقال لا يفعل شيئاً أو لن يفعل شيئاً إذا أُريد زيادة بيان النفي، فإن قيل هل فيه بيان معنوي يفيد افتراق ما ولا في المعنى نقول : نعم، وذلك لأن كلمة لا أدل على النفي لكونها موضوعة للنفي وما في معناه كالنهي خاصة لا يفيد الإثبات إلا بطريق الحذف أو الإضمار وبالجملة فبطريق المجاز كما في قوله
﴿لاَ أُقْسِمُ﴾ [ البلد : ١ ] وأما ما فغير متمحضة للنفي لأنها واردة لغيره من المعاني حيث تكون اسماً والنفي في الحال لا يفيد النفي المطلق لجواز أن يكون مع النفي في الحال الإثبات في الاستقبال، كما يقال ما يفعل الآن شيئاً وسيفعل إن شاء الله، فاختص بما لم يتمحض نفياً حيث لم تكن متمحضة للنفي لا يقال إن لا للنفي في الاستقبال والإثبات في الحال فاكتفى في استقبال بما لم يتمحض نفياً لأنا نقول ليس كذلك إذ لا يجوز أن يقال لا يفعل زيد ويفعل الآن نعم يجوز أن يقال لا يفعل غداً ويفعل الآن لكون قولك غداً يجعل الزمان مميزاً فلم يكن قولك لا يفعل للنفي في الاستقبال بل كان للنفي في بعض أزمنة الاستقبال، وفي مثالنا قلنا ما يفعل وسيفعل وما قلنا سيفعل غداً وبعد غد، بل ههنا نفينا في الحال وأثبتنا في الاستقبال من غير تمييز زمان من أزمة الاستقبال عن زمان، ومثاله في العكس أن يقال لا يفعل زيد وهو يفعل من غير تعيين وتمييز ومعلوم أن ذلك غير جائز.