ثالثها : أن يكون المراد قل سبحان الله، وذلك لأن ألفاظاً معدودة جاءت بمعنى التلفظ بكلامهم، فقولنا كبر يطلق ويراد به قول القائل الله أكبر، وسلم يراد به قوله السلام عليكم، وحمد يقال لمن قال الحمد لله، ويقال هلل لمن قال لا إله إلا الله، وسبح لمن قال سبحان الله، ووجه هذا أن هذه أمور تتكرر من الإنسان في الكلام والحاجة تدعو إلى الإخبار عنها، فلو قال القائل فلان قال لا إله إلا الله أو قال الله أكبر طول الكلام، فمست الحاجة إلى استعمال لفظة واحدة مفيدة لذلك لعدم تكرر ما في الأول، وأما مناسبة هذا الوجه للكلام الذي هو فيه، فهي أن تكذيبهم الرسول وتعجبهم من قوله أو استهزاءهم كان يوجب في العادة أن يشتغل النبي ﷺ بلعنهم وسبهم والدعاء عليهم فقال : فاصبر على ما يقولون واجعل كلامك بدل الدعاء عليهم التسبيح لله والحمد له ولا تكن كصاحب الحوت أو كنوح عليه السلام حيث قال :﴿رَّبّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً﴾ [ نوح : ٢٦ ] بل ادع إلى ربك فإذا ضجرت عن ذلك بسبب إصرارهم فاشتغل بذكر ربك في نفسك، وفيه مباحث :