البحث الأول : استعمل الله التسبيح تارة مع اللام في قوله تعالى :﴿يُسَبّحُ الله﴾ [ الجمعة : ١ ]، و ﴿يُسَبّحُونَ لَهُ﴾ [ فصلت : ٣٨ ] وأخرى مع الباء في قوله تعالى :﴿فَسَبّحْ باسم رَبّكَ العظيم﴾ [ الواقعة : ٧٤ ] و ﴿سَبِّحِ بِحَمْدِ رَبّكَ﴾ [ طه : ١٣٠ ] وثالثة من غير حرف في قوله ﴿وسبحه﴾ [ الإنسان : ٢٦ ] وقوله ﴿وسبحوه بكرة﴾ [ الأحزاب : ٤٢ ] وقوله :﴿سَبِّحِ اسم رَبّكَ الأعلى﴾ [ الأعلى : ١ ] فما الفرق بينها ؟ نقول : أما الباء فهي الأهم وبالتقديم أولى في هذا الموضع كقوله تعالى :﴿وَسَبْح بِحَمْدِ رَبّكَ﴾ فنقول أما على قولنا المراد من سبح قل سبحان الله، فالباء للمصاحبة أي مقترناً بحمد الله، فيكون كأنه تعالى قال قل سبحان الله والحمد لله، وعلى قولنا المراد التنزيه لذلك أي نزهه وأقرنه بحمده أي سبحه واشكره حيث وفقك الله لتسبيحه فإن السعادة الأبدية لمن سبحه، وعلى هذا فيكون المفعول غير مذكور لحصول العلم به من غير ذكر تقديره : سبح الله بحمد ربك، أي ملتبساً ومقترناً بحمد ربك، وعلى قولنا صل، نقول يحتمل أن يكون ذلك أمراً بقراءة الفاتحة في الصلاة يقال : صلّى فلان بسورة كذا أو صلّى بقل هو الله أحد، فكأنه يقول صلّى بحمد الله أي مقروءاً فيها : الحمد لله ربّ العالمين، وهو أبعد الوجوه، وأما التعدية من غير حرف فنقول هو الأصل لأن التسبيح يتعدى بنفسه لأن معناه تبعيد من السوء، وأما اللام فيحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون كما في قول القائل نصحته ونصحت له، وشكرته وشكرت له.
وثانيهما : أن يكون لبيان الأظهر أي يسبحون الله وقلوبهم لوجه الله خالصة.