البحث الثاني : قال ههنا :﴿سَبِّحِ بِحَمْدِ رَبّكَ﴾ ثم قال تعالى :﴿وَمِنَ الليل فَسَبّحْهُ﴾ من غير باء فما الفرق بين الموضعين ؟ نقول الأمر في الموضعين واحد على قولنا التقدير سبح الله مقترناً بحمد ربك، وذلك لأن سبح الله كقول القائل فسبحه غير أن المفعول لم يذكر.
أولاً : لدلالة قوله بحمد ربك عليه.
وثانياً : لدلالة ما سبق عليه لم يذكر بحمد ربك، الجواب الثاني على قولنا سبح بمعنى صل يكون الأول أمراً بالصلاة، والثاني أمراً بالتنزيه، أي وصل بحمد ربك في الوقت وبالليل نزهه عما لا يليق، وحينئذ يكون هذا إشارة إلى العمل والذكر والفكر.
فقوله :﴿سَبِّحِ﴾ إشارة إلى خير الأعمال وهو الصلاة، وقوله :﴿بِحَمْدِ رَبّكَ﴾ إشارة إلى الذكر، وقوله :﴿وَمِنَ الليل فَسَبّحْهُ﴾ إشارة إلى خير الأعمال وهو الصلاة، وقوله :﴿بِحَمْدِ رَبّكَ﴾ إشارة إلى الذكر، وقوله :﴿وَمِنَ الليل فَسَبّحْهُ﴾ إشارة إلى الفكر حين هدوا الأصواب، وصفاء الباطن أي نزهه عن كل سوء بفكرك، واعلم أنه لا يتصف إلا بصفات الكمال ونعوت الجلال، وقوله تعالى :﴿وأدبار السجود﴾ قد تقدم بعض ما يقال في تفسيره، ووجه آخر هو أنه إشارة إلى الأمر بإدامة التسبيح، فقوله :﴿بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ الغروب * وَمِنَ الليل فَسَبّحْهُ﴾ إشارة إلى أوقات الصلاة، وقوله :﴿وأدبار السجود﴾ يعني بعدما فرغت من السجود وهو الصلاة فلا تترك تسبيح الله وتنزيهه بل داوم أدبار السجود ليكون جميع أوقاتك في التسبيح فيفيد فائدة قوله تعالى :﴿واذكر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [ الكهف : ٢٤ ] وقوله :﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فانصب * وإلى رَبّكَ فارغب﴾ [ الشرح : ٧، ٨ ] وقرىء :﴿وَأَدْبَارَ السجود ﴾.