﴿فَمِنْهُمْ ظالم لّنَفْسِهِ﴾ [ فاطر : ٣٢ ].
البحث الثاني : قال ههنا :﴿وَمَا أَنَاْ بظلام لّلْعَبِيدِ﴾ من غير إضافة، وقال :﴿مَا أَنتَ بِهَادِى العمى﴾ [ النمل : ٨١ ]، ﴿وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى القبور﴾ [ فاطر : ٢٢ ] على وجه الإضافة، فما الفرق بينهما ؟ نقول الكلام قد يخرج أولاً مخرج العموم، ثم يخصص لأمر ما لا لغرض التخصيص، يقول القائل : فلان يعطي ويمنع ويكون غرضه التعميم، فإن سأل سائل : يعطي من، ويمنع من ؟ يقول : زيداً وعمراً، ويأتي بالمخصص لا لغرض التخصيص، وقد يخرج أولاً مخرج الخصوص، فيقول فلان يعطي زيداً ماله إذا علمت هذا فقوله :﴿وَمَا أَنَاْ بظلام﴾ كلام لو اقتصر عليه لكان للعموم، فأتى بلفظ العبيد لا لكون عدم الظلم مختصاً بهم، بل لكونهم أقرب إلى كونهم محل الظلم من نفسه تعالى، وأما النبي ﷺ فكان في نفسه هادياً، وإنما أراد نفي ذلك الخاص فقال :﴿وَمَا أَنتَ بِهَادِى العمى﴾ وما قال : ما أنت بهاد، وكذلك قوله تعالى :﴿أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ [ الزمر : ٣٦ ].