وقال القرطبى :
﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (٢٣) ﴾
قوله تعالى :] ﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ ﴾ يعني الملَك الموكّل به في قول الحسن وقتادة والضحاك.
﴿ هذا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ﴾ أي هذا ما عندي من كتابة عمله مُعَدّ محفوظ.
وقال مجاهد : يقول هذا الذي وكلتني به من بني آدم قد أحضرته وأحضرت ديوان عمله.
وقيل : المعنى هذا ما عندي من العذاب حاضر.
وعن مجاهد أيضاً : قرينه الذي قيّض له من الشياطين.
وقال ابن زيد في رواية ابن وهب عنه : إنه قرينه من الإنس، فيقول الله تعالى لقرينه :﴿ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ ﴾ قال الخليل والأخفش : هذا كلام العرب الفصيح أن تخاطب الواحد بلفظ الإثنين فتقول : ويلك ارحلاها وازجراها، وخذاه وأطلقاه للواحد.
قال الفرّاء : تقول للواحد قُوما عنا، وأصل ذلك أن أدنى أعوان الرجل في إبله وغنمه ورفقته في سفره اثنان فجرى كلام الرجل على صاحبيه، ومنه قولهم للواحد في الشعر : خليلي، ثم يقول : يا صاح.
قال امرؤ القيس :
خَلِيليَّ مُرَّا بِي على أُمِّ جُنْدَبِ...
نُقَضِّ لُبَانَاتِ الفؤادِ المُعَذَّبِ
وقال أيضاً :
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ...
بِسَقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
وقال آخر :
فإِنْ تَزْجُرانِي يابنَ عَفَّانَ أَنْزَجِرْ...
وإنْ تَدَعاني أَحْمِ عِرْضاً مُمنَّعَا
وقيل : جاء كذلك لأن القرين يقع للجماعة والاثنين.
وقال المازني :: قوله :"أَلْقِيَا" يدل على أَلْقِ أَلْقِ.
وقال المبرد : هي تثنية على التوكيد، المعنى أَلْقِ أَلْقِ فناب "أَلْقِيَا" مناب التكرار.
ويجوز أن يكون "أَلْقِيَا" تثنية على خطاب الحقيقة من قول الله تعالى يخاطب به الملَكين.
وقيل : هو مخاطبة للسائق والحافظ.
وقيل : إن الأصل ألْقِينْ بالنون الخفيفة تقلب في الوقف ألفاً فحمل الوصل على الوقف.


الصفحة التالية
Icon