وقرأ الحسن "أَلْقَيْنَ" بالنون الخفيفة نحو قوله :﴿ وَلَيَكُوناً مِّن الصاغرين ﴾ [ يوسف : ٣٢ ] وقوله :﴿ لَنَسْفَعاً ﴾ [ العلق : ١٥ ].
﴿ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ أي معاند ؛ قاله مجاهد وعكرمة.
وقال بعضهم : العنيد المعرض عن الحق ؛ يقال عَنَدَ يَعنِد بالكسر عُنُوداً أي خالف وردّ الحق وهو يعرفه فهو عَنِيد وعاند، وجمع العَنِيد عُنُد مثل رغِيف ورُغُف.
﴿ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ ﴾ يعني الزكاة المفروضة وكل حقّ واجب.
﴿ مُعْتَدٍ ﴾ في منطقه وسيرته وأمره ؛ ظالم.
﴿ مُّرِيبٍ ﴾ شاكٍّ في التوحيد ؛ قاله الحسن وقتادة.
يقال : أراب الرجلُ فهو مُرِيب إذا جاء بالريبة.
وهو المشرك يدل عليه قوله تعالى :﴿ الذي جَعَلَ مَعَ الله إلها آخَرَ ﴾.
وقيل : نزلت في الوليد بن المغيرة.
وأراد بقوله :﴿ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ ﴾ أنه كان يمنع بني أخيه من الإسلام.
﴿ فَأَلْقِيَاهُ فِي العذاب الشديد ﴾ تأكيد للأمر الأول.
﴿ قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ ﴾ يعني الشيطان الذي قيض لهذا الكافر العنيد تبرأ منه وكذّبه.
﴿ ولكن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ ﴾ عن الحق وكان طاغياً باختياره وإنما دعوته فاستجاب لي.
وقرينه هنا هو شيطانه بغير اختلاف.
حكاه المهدوي.
وحكى الثعلبي قال ابن عباس ومقاتل : قرينه الملك ؛ وذلك أن الوليد بن المغيرة يقول للملَك الذي كان يكتب سيئاته : ربِّ إنه أعجلني، فيقول الملَك : ربنا ما أطغيته أي ما أعجلته.
وقال سعيد بن جبير : يقول الكافر ربّ إنه زاد عليّ في الكتابة، فيقول الملَك : ربنا ما أطغيته أي ما زدت عليه في الكتابة ؛ فحينئذ يقول الله تعالى :﴿ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ ﴾ يعني الكافرين وقرناءهم من الشياطين.
قال القشيري : وهذا يدل على أن القرين الشيطان.
﴿ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بالوعيد ﴾ أي أرسلت الرسل.
وقيل : هذا خطاب لكل من اختصم.
وقيل : هو للاثنين وجاء بلفظ الجمع.