﴿ مَا يُبَدَّلُ القول لَدَيَّ ﴾ قيل هو قوله :﴿ مَن جَآءَ بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بالسيئة فَلاَ يجزى إِلاَّ مِثْلَهَا ﴾ [ الأنعام : ١٦٠ ] وقيل هو قوله :﴿ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ ﴾ [ السجدة : ١٣ ].
وقال الفرّاء : ما يكذب عندي أي ما يزاد في القول ولا ينقص لعلمي بالغيب.
﴿ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾ أي ما أنا بمعذِّب من لم يُجرم، قاله ابن عباس.
وقد مضى القول في معناه في "الحج" وغيرها.
قوله تعالى :﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلأت وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ﴾
قرأ نافع وأبو بكر "يَوْمَ يَقُوُل" بالياء اعتبارا بقوله :﴿ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ ﴾.
الباقون بالنون على الخطاب من الله تعالى وهي نون العظمة.
وقرأ الحسن "يَوْمَ أَقُولُ".
وعن ابن مسعود وغيره "يَوْمَ يُقَالُ".
وانتصب "يَوْم" على معنى ما يبدّل القول لديّ يومَ.
وقيل : بفعل مقدر معناه : وأنذرهم ﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلأت ﴾ لما سبق من وعده إياها أنه يملؤها.
وهذا الاْستفهام على سبيل التصديق لخبره، والتحقيق لوعده، والتقريع لأعدائه، والتنبيه لجميع عباده.
"وتَقُولُ" جهنم ﴿ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ﴾ أي ما بقي فيّ موضع للزيادة.
كقوله عليه السلام :" هل تَرَك لنا عَقِيل من رَبْع أو منزل " أي ما ترك ؛ فمعنى الكلام الجحد.
ويحتمل أن يكون استفهاما بمعنى الاستزادة ؛ أي هل من مزيد فأزداد؟.
وإنما صلح هذا للوجهين ؛ لأن في الاستفهام ضرباً من الجحد.
وقيل : ليس ثَمَّ قول وإنما هو على طريق المثل ؛ أي أنها فيما يظهر من حالها بمنزلة الناطقة بذلك ؛ كما قال الشاعر :
امتلأَ الحوضُ وقال قَطْنِي...
مَهْلاً رُوَيْداً قَدْ مَلأْتَ بَطْنِي
وهذا تفسير مجاهد وغيره.
أي هل فيّ من مسلك قد امتلأت.
وقيل : يُنطق الله النار حتى تقول هذا كما تنطق الجوارح.


الصفحة التالية
Icon