﴿يَوْمَ يُنَادِ المناد﴾ منصوب بأي فعل ؟ نقول : هو مبني على المسألة الأولى، إن قلنا استمع لا مفعول له فعامله ما يدل عليه قوله تعالى :﴿يَوْمُ الخروج﴾ [ ق : ٤٢ ] تقديره : يخرجون يوم ينادي المنادي، وإن قلنا مفعوله لما يوحى فتقديره ( واستمع ) لما يوحى ( يوم ينادي ) ويحتمل ما ذكرنا وجهاً آخر، وهو ما يوحي أي ما يوحى ﴿يَوْم يُنَادِ المناد﴾ اسمعه، فإن قيل : استمع عطف على فاصبر وسبح وهو في الدنيا، والاستماع يكون في الدنيا، وما يوحى ﴿يَوْمَ يُنَادِ المناد﴾ لا يستمع في الدنيا، نقول ليس بلازم ذلك لجواز أن يقال صل وادخل الجنة أي صل في الدنيا وادخل الجنة في العقبى، فكذلك ههنا، ويحتمل أن يقال بأن استمع بمعنى انتظر فيحتمل الجمع في الدنيا، وإن قلنا استمع الصيحة وهو نداء المنادي : يا عظام انتشري، والسؤال الي ذكره علم الجواب منه، وجواب آخر نقوله حينئذ وهو أن الله تعالى قال :﴿وَنُفِخَ فِى الصور فَصَعِقَ مَن فِى السموات وَمَن فِى الأرض إِلاَّ مَن شَاء الله﴾ [ الزمر : ٦٨ ] قلنا : إن من شاء الله هم الذين علموا وقوع الصيحة، واستيقظوا لها فلم تزعجهم كمن يرى برقاً أومض، وعلم أن عقبيه يكون رعد قوي فينظره ويستمع له، وآخر غافل فإذا رعد بقوة ربما يغشى على الغافل ولا يتأثر منه المستمع، فقال : استمع ذلك كي لا تكون ممن يصعق في ذلك اليوم.
المسألة الثانية :
ما الذي ينادي المنادي ؟ فيه وجوه محتملة منقولة معقولة وحصرها بأن نقول المنادي إما أن يكون هو الله تعالى أو الملائكة أو غيرهما وهم المكلفون من الإنس والجن في الظاهر، وغيرهم لا ينادي، فإن قلنا هو تعالى فيه وجوه.
أحدها : ينادي :﴿احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم﴾ [ الصافات : ٢٢ ].


الصفحة التالية
Icon