ثالثها : أن يقال استمع عامل في يوم ينادي كما ذكرنا وينادي عامل في يسمعون، وذلك لأن يوم ينادي وإن لم يجز أن يكون منصوباً بالمضاف إليه وهو ينادي لكن غيره يجوز أن يكون منصوباً به، يقال : اذكر حال زيد ومذلته يوم ضربه عمرو، ويوم كان عمرو والياً، إذا كان القائل يريد بيان مذلة زيد عندما صار زيد يكرم بسبب من الأسباب، فلا يكون يوم كان عمرو والياً منصوباً بقوله اذكر لأن غرض القائل التذكير بحال زيد ومذلته وذلك يوم الضرب، لكن يوم كان عمرو منصوب بقوله ضربه عمرو يوم كان والياً، فكذلك ههنا قال :﴿واستمع يَوْمَ يُنَادِ المناد﴾ لئلا تكون ممن يفزع ويصعق، ثم بين هذا النداء بقوله :﴿يُنَادِ المناد﴾ يوم يسمعون أي لا يكون نداءً خفياً بحيث لا يسمعه بعض الناس بل يكون نداؤه بحيث تكون نسبته إلى من في أقصى المغرب كنسبته إلى من في المشرق، وكلكم تسمعون، ولا شك أن مثل هذا الصوت يجب أن يكون الإنسان متهيئاً لاستماعه، وذلك يشغل النفس بعبادة الله تعالى وذكره والتفكير فيه فظهر فائدة جليلة من قوله :﴿فاصبر، وَسَبّحْ، واستمع يَوْمَ يُنَادِ المناد، وَيَوْمَ يَسْمَعُونَ﴾ واللام في الصيحة للتعريف، وقد عرف حالها وذكرها الله مراراً كما في قوله تعالى :﴿إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحدة﴾ [ ياس : ٢٩ ] وقوله ﴿فإنما هي زجرة واحدة﴾ [ الصافات : ١٩ ] وقوله :﴿نَفْخَةٌ واحدة﴾ [ الحاقة : ١٣ ] وقوله :﴿بالحق﴾ جاز أن يكون متعلقاً بالصيحة أي الصحة بالحق يسمعونها، وعلى هذا ففيه وجوه :
الأول : الحق الحشر أي الصيحة بالحشر وهو حق يسمعونها يقال صاح زيد بيا قوم اجتمعوا على حد استعمال تكلم بهذا الكلام وتقديره حينئذ يسمعون الصيحة بيا عظام اجتمعي وهو المراد بالحق.


الصفحة التالية
Icon