وفي ذلك تهويل وتعظيم لشأن المخبَر به كما روي أن النبي ﷺ قال لمعاذ بن جبل " يا معاذ اسمع ما أقول لك ثم حدثه بعد ذلك " ولم أرَ من سبقه إلى هذا وهو محمل حسن دقيق.
واللائق بالجري على المحامل الثلاثة المتقدمة أن يكون ﴿ يوم يناد المنادي ﴾ مبتدأ وفتحته فتحة بناء لأنه اسم زمان أضيف إلى جملة فيجوز فيه الإعراب والبناءُ على الفتح، ولا يناكده أن فعل الجملة مضارع لأن التحقيق أن ذلك وارد في الكلام الفصيح وهو قول نحاة الكوفة وابننِ مالك ولا ريبة في أنه الأصوب.
ومنه قوله تعالى :﴿ قال الله هذَا يوم ينفع الصادقين صدقهم ﴾ [ المائدة : ١١٩ ] في قراءة نافع بفتح ﴿ يومَ ﴾.
وقوله :﴿ يوم يسمعون الصيحة ﴾ بدل مطابق من ﴿ يوم يناد المنادي ﴾ وقوله :﴿ ذلك يوم الخروج ﴾ خبر المبتدأ.
ولك أن تجعل ﴿ يوم يناد المنادي ﴾ مفعولاً فيه ل ﴿ استمع ﴾ وإعراب ما بعده ظاهر.
ولك أن تجعل ﴿ يوم يناد المنادي ﴾ ظرفاً في موقع الخبر المقدم وتجعل المبتدأ قوله :﴿ ذلك يوم الخروج ﴾ ويكون تقدير النظم : واستمعْ ذلكَ يومُ الخروج يوم ينادي المنادي الخ، ويكون اسمُ الإشارة لمجرد التنبيه، أو راجعاً إلى يوم ينادي المنادي، فإنه متقدم عليه في اللفظ وإن كان خبراً عنه في المعنى واسم الإشارة يكتفي بالتقدم اللفظي بل يكتفي بمجرد الخطور في الذهن.
وفي "تفسير النسَفِي" أن يعقوب أي الحضرمي أحد أصحاب القراءات العشر المتواترة وقف على قوله ﴿ واستمع ﴾.
وتعريف ﴿ المنادي ﴾ تعريف الجنس، أي يوم ينادي منادٍ، أي من الملائكة وهو الملك الذي ينفخ النفخة الثانية فتتكوَّن الأجساد وتحل فيها أرواح الناس للحشر قال تعالى :﴿ ثم نُفِخَ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ﴾ [ الزمر : ٦٨ ].


الصفحة التالية
Icon