قوله عز وجل :﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ ﴾ يعني : ملكه الذي كان يكتب عمله ﴿ هذا مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ ﴾ يعني : هذا الذي وكلتني به قد أتيتك به، وهو حاضر يقول الله عز وجل ﴿ أَلْقِيَا فِى جَهَنَّمَ ﴾ يعني : يقول للملكين ألقيا في جهنم ﴿ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ وقال بعضهم هذا أمر للملك الواحد بلفظ الاثنين، وقال الفراء : يرى أصل هذا أن الرفقة أدنى ما تكون ثلاثة نفر، فجرى كلام الواحد على صاحبيه، ألا ترى أن الشعراء أكثر شيء : قيلاً يا صاحبي، ويا خليلي، قال الشاعر : فقلت لصاحبي لا تحبساني، وأدنى ما يكون الأمر والنهي في الإعراب اثنان، فجرى كلامهم على ذلك ومثل هذا قول امرىء القيس :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
ويقال : أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ، على معنى تكرير الأمر، يعني : ألق ألق، وهو على معنى التأكيد، وكذلك في قوله : قفا، معناه قف قف.
وقال الزجاج : عندي أن قوله أَلْقِيَا أَمر للملكين، وقال بعضهم : الأمر للواحد بلفظ الاثنين واقع في إطلاق العرب، وكان الحجاج يقول : يا حرسي اضربا عنقه ﴿ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ﴾، يعني : كل جاحد بتوحيد الله تعالى معرض عن الإيمان، وقال مقاتل : يعني الوليد بن المغيرة.