وندع السماء إلى الأرض " وفي الأرض آيات للموقنين ". قلت: ما أثقلنا على ظهر الأرض، وما أثقل الأرض نفسها فى الفضاء. ومع ذلك تنطلق بما تحمل لا تنوء ولا تزيغ! " وفي أنفسكم أفلا تبصرون * وفي السماء رزقكم وما توعدون * فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ". إن جسم الإنسان جهاز بالغ التعقيد، سبحان من خلقه وصوره وشق فيه سمعه وبصره. ومع ذلك يجلس على أريكته امرؤ مغرور يقول: لا إله والحياة مادة! إذا كانت مادة، فمن بناها وضبطها ووضع لها نظمها؟ إننا ندع وسط السورة لننظر فى خواتيمها جواب هذا التساؤل " والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون * والأرض فرشناها فنعم الماهدون * ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ". إن الملحد بغبائه وغفلته يوشك أن تدهمه كارثة تودى به، ولذلك يقول الله له ولمثله " ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين * ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إني لكم منه نذير مبين". لكن الكافرين أوتوا من سلاطة اللسان بقدر ما حرموا من نعمة التوفيق؟ فهم يصفون الدعاة إلى الله بالسحر والجمود والتخلف العقلى! " كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون * أتواصوا به بل هم قوم طاغون". وطغيانهم هو الذى أودى بهم بعد مرحلة من الابتلاء. وقد وصفت سورة الذاريات فى وسطها مصاير عدد من هؤلاء الأقوام، وبدأت بحديث عن ضيف إبراهيم المكرمين، وهو حديث يكشف عن سوء فهم الكتابيين للألوهية، وتأثر عقولهم بالفكر الوثنى! لقد كان ضيوف إبراهيم عددا من الملائكة جاءوا بأنباء سارة عن أن الله سيرزقه بغلام عليم، كما أخبروه أن الله سيدمر القرى النجسة التى عجز لوط عن إصلاحها... لكن العهد القديم ساق القصة على نحو آخر، فذكر أن الله هو الذى تناول الغداء مع إبراهيم، وأن إبراهيم قدم لرب العالمين مائدة فاخرة عليها عجل مشوى وخبز، وأن الله أكل حتى امتلأ!! هذا ما ذكره الكتاب المقدس.