وفي هذا كانت الإشارة إلى بناء الله للسماء على سعة، وتمهيده للأرض في يسر، وخلقه ما فيها من أزواج، والتعقيب على هذا كله بالفرار إلى الله: (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون. والأرض فرشناها فنعم الماهدون. ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون. ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين)..
وفي هذا كان الإيقاع الأخير البارز في السورة، عن إرادة الله سبحانه في خلق الجن والإنس، ووظيفتهما الرئيسية الأولى:(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون. إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)..
فهو إيقاع واحد مطرد. ذو نغمات متعددة. ولكنها كلها تؤلف ذلك الإيقاع، وتطلق ذلك الحداء. الحداء بالقلب البشري إلى السماء !
وقد وردت إشارات سريعة إلى حلقة من قصة إبراهيم ولوط، وقصة موسى، وقصة عاد، وقصة ثمود، وقصة قوم نوح. وفي الإشارة إلى قصة إبراهيم تلك اللمحة عن المال ; كما أن فيها لمحة عن الغيب المكنون في تبشيره بغلام عليم، ورزقه هو وامرأته به على غير ما توقع ولا انتظار. وفي بقية القصص إشارة إلى تصديق وعد الله الذي أقسم عليه في أول السورة:(إنما توعدون لصادق)والذي أشار إليه في ختامها إنذارا للمشركين:(فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون).. بعد ما ذكر أن أجيال المكذبين كأنما تواصت على التكذيب:(كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا: ساحر أو مجنون. أتواصوا به ؟ بل هم قوم طاغون !)..
فالقصص في السورة - على هذا النحو - مرتبط بموضوعها الأصيل. وهو تجريد القلب لعبادة الله، وتخليصه من جميع العوائق، ووصله بالسماء. بالإيمان أولا واليقين. ثم برفع الحواجز والشواغل دون الرفرفة والانطلاق إلى ذلك الأفق الكريم. أ هـ ﴿الظلال حـ ٦ صـ ٣٣٧٢ ـ ٣٣٧٤﴾


الصفحة التالية
Icon