صيحة مأخوذة من صرير القلم والباب والهودج والرحل، أي صارت تولول كعادة النساء إذا سمعن شيئا، وصرتها هذه هي قولها في آية هود المارة (يا وَيْلَتى ) وقيل الصرة الجماعة المنضمين لبعضهم، كأنها جاءت مع نسوة ينظرن الملائكة الكرام "فَصَكَّتْ وَجْهَها" عند سماعها تلك البشارة،
أي ضربت يديها على وجهها تعجبا، وهذه أيضا من عادتهن عند ما يسمعن ما ينكرنه "وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ" ٢٩ لم تلد قط فكيف بعد هرمها وهي مع عقمها عجوز "قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ" وقضى أن تلدي ولدا مع كبرك وعقمك هذا "إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ" فيما يفعل والحكيم لا يصعب عليه ما يريده "الْعَلِيمُ" ٣٠ فيما أنت عليه من العقم والكبر وهرم زوجك أيضا وسائر مخلوقاته، وختمت آية هود ٧٣ المارة بقوله (حَمِيدٌ مَجِيدٌ) لأن الحكاية هناك أبسط منها هنا، فذكروا ما يدفع الاستبعاد بقوله (أَ تَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) ولما صدقت أرشدت إلى القيا بشكر اللّه وذكر نعمته بقولهم (حَمِيدٌ مَجِيدٌ) وهنا لم يقولوا (أَ تَعْجَبِينَ) فتبهوها إلى ما يدفع تعجبها بقولهم (الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) ومن كان حكيما عليما لا يقال له كيف عمل ولم عمل، تدبر.


الصفحة التالية
Icon