قال تعالى "وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" ٥٦ ويوحدوني ويعرفوني أني ربهم وخالقهم ومحييهم ومميتهم "ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ" يرزقونه أحدا من خلقي ولا أن يرزقوا أنفسهم أيضا، لأني أنا الكفيل بأرزاق الخلق كلهم "وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ" ٥٧ أسند جل شأنه الإطعام لذاته الكريمة، والمراد عياله الفقراء، لأن من أطعمهم لأجله فكأنما أطعمه، وإلا فهو المنزه عن الطعام والشراب، وكل ما هو من صفات المخلوقين وحوائجهم.
والآية تبين أن شأنه جل شأنه مع عباده ليس كشأن السادة مع عبيدهم، لأنهم يملكونهم للاستفادة منهم، واللّه مالكهم ليعبدوه لأنه خلقهم لعبادته فقط وليعلموا استحقاقه العبادة ويعملوا بما يوصلهم إليه، وقد صح في حديث أبي هريرة أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال : إن اللّه عز وجل يقول يوم القيامة يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت لو أنك عدته لوجدتني عنده، يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟ قال أما علمت أن فلانا استطعمك فلم تطعمه، أما علمت لو أنك أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقي، قال يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟ قال أما علمت أن عبدي فلانا استسقاك فلم تسقه، أما علمت لو أنك أسقيته لوجدت ذلك عندي.