بقي أن يكون المقصود إثبات الحشر والجزاء، لكن إثبات الحشر لثواب الصالح، وعذاب الصالح، ففائدة ذلك راجع إلى من يعقل، فكان الأمر يقتضي أن يكون القسم بغيرهم، والله أعلم.
المسألة الرابعة :
في السورة التي أقسم لإثبات الوحدانية، أقسم في أول الأمر بالساكنات حيث قال :﴿والصافات﴾ [ الصافات : ١ ] وفي السور الأربع الباقية أقسم بالمتحركات، فقال :﴿والذريات﴾ وقال :﴿والمرسلات﴾ [ المرسلات : ١ ] وقال :﴿والنازعات﴾ [ النازعات : ١ ] ويؤيده قوله تعالى :﴿والسابحات...
فالسابقات﴾ [ النازعات : ٣، ٤ ] وقال :﴿والعاديات﴾ [ العاديات : ١ ] وذلك لأن الحشر فيه جمع وتفريق، وذلك بالحركة أليق، أو أن نقول في جميع السور الأربع أقسم بالرياح على ما بين وهي التي تجمع وتفرق، فالقادر على تأليف السحاب المتفرق بالرياح الذارية والمرسلة، قادر على تأليف الأجزاء المتفرقة بطريق من الطرق التي يختارها بمشيئته تعالى.
المسألة الخامسة :
في الذاريات أقوال.
الأول : هي الرياح تذرو التراب وغيره، كما قال تعالى :﴿تَذْرُوهُ الرياح﴾ [ الكهف : ٤٥ ].
الثاني : هي الكواكب من ذرا يذرو إذا أسرع.
الثالث : هي الملائكة.
الرابع : رب الذاريات، والأول أصح.
المسألة السادسة :
الأمور الأربعة جاز أن تكون أموراً متباينة، وجاز أن تكون أمراً له أربع اعتبارات.
والأول : هي ما روي عن علي عليه السلام، أن الذاريات هي الرياح والحاملات هي السحاب، والجاريات هي السفن، والمقسمات هي الملائكة الذين يقسمون الأرزاق.