وقوله تعالى :﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ أي لعلّكم تذكرون أن خالق الأزواج لا يكون له زوج وإلا لكان ممكناً فيكون مخلوقاً ولا يكون خالقاً، أو ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ أن خالق الأزواج لا يعجز عن حشر الأجسام وجمع الأرواح.
فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠)
أمر بالتوحيد، وفيه لطائف.
الأولى : قوله تعالى :﴿فَفِرُّواْ﴾ ينبىء عن سرعة الإهلاك كأنه يقول الإهلاك والعذاب أسرع وأقرب من أن يحتمل الحال الإبطاء في الرجوع، فافزعوا إلى الله سريعاً وفروا.
الثانية : قوله تعالى :﴿إِلَى الله﴾ بيان المهروب إليه ولم يذكر الذي منه الهرب لأحد وجهين، إما لكونه معلوماً وهو هول العذاب أو الشيطان الذي قال فيه :﴿إِنَّ الشيطان لَكُمْ عَدُوٌّ فاتخذوه عَدُوّاً﴾ [ فاطر : ٦ ] وإما ليكون عاماً كأنه يقول : كل ما عدا الله عدوكم ففروا إليه من كل ما عداه، وبيانه وهو أن كل ما عداه فإنه يتلف عليك رأس مالك الذي هو العمر، ويفوت عليك ما هو الحق والخير، ومتلف رأس المال مفوت الكمال عدو، وأما إذا فررت إلى الله وأقبلت على الله فهو يأخذ عمرك ولكن يرفع أمرك ويعطيك بقاء لا فناء معه.
والثالثة : الفاء للترتيب معناه إذا ثبت أن خالق الزوجين فرد ففروا إليه واتركوا غيره تركاً مؤبداً.


الصفحة التالية
Icon