قال تعالى "أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ" أي عقولهم إذ يظنون أنهم عقلاء والمثل السائر (كل بعقله راض أما بماله لا) والحال ليس لهم عقول سليمة، إذ لو كان لهم عقول سليمة لما أمرتهم "بِهذا" القول المتناقض من ساحر إلى شاعر إلى كاهن إلى غير ذلك "أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ" ٣٢ باغون خلوجون عن الاعتدال، قيل لعمرو بن العاص ما بال قومك لم يؤمنوا وقد نعتهم اللّه تعالى بالعقل ؟ فقال تلك عقول كادها اللّه تعالى إذ لم يصحبها التوفيق، فلهذا لم ينتفعوا بها.
على أن هذه الآية لم تدل على رجاحة عقولهم، لأنها واردة مورد الاستهزاء، بل تدل على عكس ذلك، لأن اللّه أزرى بعقولهم، إذ لم يميزوا بين الحق والباطل والصدق
والكذب والهدى والضلال، ويجوز أن يراد بأحلامهم أكابرهم ورؤساؤهم، لأن أحلام بمعنى أجسام، كلفظ أعلام فإنها تطلق على الجبل وعلى الرجل، قال ابن الفارض رحمه اللّه :
نشرت في موكب العشاق أعلامي وكان قبلي بلي بالحبّ أعلامي
وهم لفلة عقولهم سماهم أجساما تهكيبا بهم "أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ" اختلقه وهي كلمة لا تستعمل إلا في الكذب، كلا، لم يختلقة وهو الصادق المأمون "بَلْ لا يُؤْمِنُونَ" ٣٣ في هذا القرآن المنزل عليك أنفة وتجبرا.
مطلب الحجج العشر وعذاب القبر وبحث في قيام الليل والإخبار بالغيب وما يقال عند القيام من المجلس :