برسولنا فيجتمعون في ندوتهم ويتدابرون ما يمكرون به ليتخلصوا منه، وقد أرسل رحمة إليهم مع أنهم لا يقدرون على شيء لأنا نحول دونه ونمنعهم منه ونقول "فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ" ٤٢ الذين يعود عليهم مكرهم، وهذا من الإخبار بالغيب، لأن مذاكرتهم بشأن المكر به في دار الندوة وقعت بعد نزول هذه الآيات قبل الهجرة، وقد أخبره اللّه تعالى بما حاكوه بينهم فيها بوقته كما سيأتي، ولذلك ترك داره وذهب إلى الغار وأمر عليا أن ينام مكانه فيها، وهذه حجة تاسعة قامعة ما يريدون به، قال تعالى "أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ" يعتمدون عليه في الشدائد، كلا لا إله إلا اللّه لهم ولغيرهم "سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ" ٤٣ به من أوثان لا تضر ولا تنفع، تنزهت ذاته المقدسة وتبرأت عن ذلك، وهذه تتمة الحجج العشر الواضحات، أفحمهم اللّه تعالى بها على لسان رسوله فلو كانوا موفقين لأذعنوا إليها واهتدوا بها ولا نوا، ولكن من سبق في علم اللّه شقاؤه فلن يرى الهدى، بل يزد قاوة وعتوا، وفضلا عن أن كلا من هذه الحجج الدامغة كافية للردع ففي كل منها توبيخ وتبكيت وتقريع، ولكن لا تغني النذر والآيات لمن ختم اللّه على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم فهم لا يهتدون أبدا.