قوله تعالى :﴿والذين ءامَنُواْ﴾ عطف على ماذا ؟ نقول على قوله ﴿إِنَّ المتقين﴾ [ الطور : ١٧ ].
المسألة الثانية :
إذا كان كذلك فلم أعاد لفظ ﴿الذين آمنواْ﴾ وكان المقصود يحصل بقوله تعالى :﴿وألحقنا بهم ذرياتهم﴾ بعد قوله ﴿وزوجناهم﴾ [ الطور : ٢٠ ] وكان يصير التقدير وزوجناهم وألحقنا بهم ؟ نقول فيه فائدة وهو أن المتقين هم الذين اتقوا الشرك والمعصية وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقال ههنا ﴿الذين آمنواْ﴾ أي بوجود الإيمان يصير ولده من أهل الجنة، ثم إن ارتكب الأب كبيرة أو صغيرة على صغيرة لا يعاقب به ولده بل الوالد وربما يدخل الجنة الابن قبل الأب، وفيه لطيفة معنوية، وهو أنه ورد في الأخبار أن الولد الصغير يشفع لأبيه وذلك إشارة إلى الجزاء.
المسألة الثالثة :
هل يجوز غير ذلك ؟ نقول نعم يجوز أن يكون قوله تعالى :﴿والذين ءامَنُواْ﴾ عطفاً على ﴿بِحُورٍ عِينٍ﴾ [ الطور : ٢٠ ] تقديره : زوجناهم بحور عين، أي قرناهم بهن، وبالذين آمنوا، إشارة إلى قوله تعالى :﴿إِخْوَانًا على سُرُرٍ متقابلين﴾ [ الحجر : ٤٧ ] أي جمعنا شملهم بالأزواج والإخوان والأولاد بقوله تعالى :﴿وأتبعناهم﴾ وهذا الوجه ذكره الزمخشري والأول أحسن وأصح، فإن قيل كيف يصح على هذا الوجه الإخبار بلفظ الماضي مع أنه سبحانه وتعالى بعد ما قرن بينهم ؟ قلنا صح في وزوجناهم على ما ذكر الله تعالى من تزويجهن منا من يوم خلقهن وإن تأخر زمان الاقتران.
المسألة الرابعة :
قرىء ﴿ذرياتهم﴾ في الموضعين بالجمع وذريتهم فيهما بالفرد، وقرىء في الأول ﴿ذرياتهم﴾ وفي الثانية ﴿ذُرّيَّتُهُم﴾ فهل للثالث وجه ؟ نقول نعم معنوي لا لفظي وذلك لأن المؤمن تتبعه ذرياته في الإيمان، وإن لم توجد على معنى أنه لو وجد له ألف ولد لكانوا أتباعه في الإيمان حكماً، وأما الإلحاق فلا يكون حكماً إنما هو حقيقة وذلك في الموجود فالتابع أكثر من الملحوق فجمع في الأول وأفرد الثاني.


الصفحة التالية
Icon