وقال الضحاك : يموج بعضها في بعض، وقال مجاهد : تدور دوراً، وقيل : تجرى جرياً، ومنه قول الشاعر :
وما زالت القتلى تمور دماؤها... بدجلة حتى ماء دجلة أشكل
ويطلق المور على الموج، ومنه : ناقة موارة اليد، أي : سريعة تموج في مشيها موجاً، ومعنى الآية : أن العذاب يقع بالعصاة، ولا يدفعه عنهم دافع في هذا اليوم الذي تكون فيه السماء هكذا، وهو يوم القيامة.
وقيل : إن السماء ها هنا الفلك، وموره : اضطراب نظمه واختلاف سيره.
﴿ وَتَسِيرُ الجبال سَيْراً ﴾ أي : تزول عن أماكنها، وتسير عن مواضعها كسير السحاب، وتكون هباءً منبثاً، قيل : ووجه تأكيد الفعلين بالمصدر الدالة على غرابتها، وخروجهما عن المعهود، وقد تقدّم تفسير مثل هذا في سورة الكهف.
﴿ فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ ﴾ ويل : كلمة تقال للهالك، واسم واد في جهنم، وإنما دخلت الفاء لأن في الكلام معنى المجازاة، أي : إذا وقع ما ذكر من مور السماء، وسير الجبال فويل لهم.
ثم وصف المكذبين بقوله :﴿ الذين هُمْ فِى خَوْضٍ يَلْعَبُونَ ﴾ أي : في تردّد في الباطل، واندفاع فيه يلهون لا يذكرون حساباً، ولا يخافون عقاباً.
والمعنى : أنهم يخوضون في أمر محمد ﷺ بالتكذيب والاستهزاء، وقيل : يخوضون في أسباب الدنيا، ويعرضون عن الآخرة.
﴿ يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا ﴾ الدعّ : الدفع بعنف وجفوة، يقال : دععته أدعه دعًّا، أي : دفعته، والمعنى : أنهم يدفعون إلى النار دفعاً عنيفاً شديداً.
قال مقاتل : تغلّ أيديهم إلى أعناقهم، وتجمع نواصيهم إلى أقدامهم، ثم يدفعون إلى جهنم دفعاً على وجوههم.
قرأ الجمهور بفتح الدال وتشديد العين.
وقرأ عليّ والسلمي، وأبو رجاء، وزيد بن عليّ، وابن السميفع بسكون الدال وتخفيف العين مفتوحة أي : يدعون إلى النار من الدعاء.