والباء للمصاحبة، أي جعلنا حُوراً عِيناً معهم، ولم يُعد فعل ﴿ زوجناهم ﴾ إلى ﴿ حور ﴾ بنفسه على المفعولية كما في قوله تعالى :﴿ زوجناكها ﴾ [ الأحزاب : ٣٧ ]، لأن ( زوجنا ) في هذه الآية ليس بمعنى : أنكحناهم، إذ ليس المراد عقد النكاح لنُبوّ المراد عن هذا المعنى، فالتزويج هنا وارد بمعناه الحقيقي في اللغة وهو جعل الشيء المفرد زوجاً وَليس وارداً بمعناه المنقول عنه في العرف والشرع، وليس الباء لتعدية فعل ﴿ زوجناهم ﴾ بتضمينه معنى : قرنَّا، ولا هو على لغة أزد شنوة فإنه لم يسمع في فصيح الكلام : تزوج بامرأة.
وحور : صفة لنساء المؤمنين في الجنة، وهنّ النساء اللاتي كنّ أزواجاً لهم في الدنيا إن كنّ مؤمنات ومن يخلقهن الله في الجنة لنعمة الجنة وحكم نساء المؤمنين اللاتي هن مؤمنات ولم يكن في العمل الصالح مثل أزواجهن في لحاقهن بأزواجهن في الدرجات في الجنة تقدم عند قوله تعالى :﴿ ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ﴾ في سورة الزخرف ( ٧٠ ) وما يقال فيهن يقال في الرجال من أزواج النساء الصالحات.
وعين } صفة ثانية، وحقها أن تعطف ولكن كثر ترك العطف.
﴿ والذين ءَامَنُواْ واتبعتهم ذُرِّيَّتُهُم بإيمان أَلْحَقْنَا بِهِمْ ﴾.
اعتراض بين ذِكر كرامات المؤمنين، والواو اعتراضية.
والتعبير بالموصول إظهار في مقام الإِضمار لتكون الصلة إيماء إلى أن وجه بناء الخبر الوارد بعدها، أي أن سبب إلحاق ذرياتهم بهم في نعيم الجنة هو إيمانهم وكونُ الذريات آمنوا بسبب إيمان آبائهم لأن الآباء المؤمنين يلقِّنون أبناءهم الإِيمان.
والمعنى : والمؤمنون الذين لهم ذرياتٌ مؤمنون ألحقنا بهم ذرياتهم.
وقد قال تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ﴾ [ التحريم : ٦ ]، وهل يستطيع أحد أن يقي النار غيره إلا بالإِرشاد.
ولعل ما في الآية من إلحاق ذرياتهم من شفاعة المؤمن الصالح لأهله وذريته.


الصفحة التالية
Icon