يضاف لاختصاص الفعل بالزمان دون غيره إلا المكان في قوله اجلس حيث يجلس، فإن حيث يضاف إلى الجمل لمشابهة ظرف المكان لظرف الزمان، وأما الجمل فهي إنما يصح بواسطة تضمنها الفعل، فلا يقال يوم زيد أخوك، ويقال يوم زيد فيه خارج.
ومن جملة الفوائد اللفظية أن لات يختص استعمالها بالزمان قال الله تعالى :﴿وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ﴾ [ ص : ٣ ] ولا يقال لات الرجل سوء، وذلك لأن الزمان تجدد بعد تجدد ولا يبقى بعد الفناء حياة أخرى وبعد كل حركة حركة أخرى وبعد كل زمان زمان وإليه الإشارة بقوله تعالى :﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ﴾ [ الرحمن : ٢٩ ] أي قبل الخلق لم يخلق شيئاً، لكنه يعد ما خلق فهو أبداً دائماً يخلق شيئاً بعد شيء فبعد حياتنا موت وبعد موتنا حياة وبعد حياتنا حساب وبعد الحساب ثواب دائم أو عقاب لازم ولا يترك الله الفعل فلما بعد الزمان عن النفي زيد في الحروف النافية زيادة، فإن قيل فالله تعالى أبعد عن الانتفاء فكان ينبغي أن لا تقرب التاء بكلمة لا هناك، نقول ﴿لات حِينَ مَنَاصٍ﴾ تأويل وعليه لا يرد ما ذكرتم وهو أن لا هي المشبهة بليس تقديره ليس الحين حين مناص، وهو المشهور، ولذلك اختص بالحين دون اليوم والليل لأن الحين أدوم من الليل والنهار فالليل والنهار قد لا يكون والحين يكون.
فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢)
أي إذا علم أن عذاب الله واقع وأنه ليس له دافع فويل إذاً للمكذبين، فالفاء لاتصال المعنى، وهو الإيذان بأمان أهل الإيمان، وذلك لأنه لما قال :﴿إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ﴾ [ الطور : ٧ ] لم يبين بأن موقعه بمن، فلما قال :﴿فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ﴾ علم المخصوص به وهو المكذب، وفيه مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon