إذا قلت بأن قوله ﴿فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ﴾ بيان لمن يقع به العذاب وينزل عليه فمن لا يكذب لا يعذب، فأهل الكبائر لا يعذبون لأنهم لا يكذبون، نقول ذلك العذاب لا يقع على أهل الكبائر وهذا كما في قوله تعالى :﴿كُلَّمَا أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُواْ بلى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا﴾ [ الملك : ٨، ٩ ] فنقول المؤمن لا يلقى فيها إلقاء بهوان، وإنما يدخل فيها ليظهر إدخال مع نوع إكرام، فكذلك الويل للمكذبين، والويل ينبىء عن الشدة وتركيب حروف الواو والياء واللام لا ينفك عن نوع شدة، منه لوى إذا دفع ولوى يلوي إذا كان قوياً والولي فيه القوة على المولى عليه، ويدل عليه قوله تعالى :﴿يَدَّعُونَ﴾ [ الطور : ١٣ ] فإن المكذب يدع والمصدق لا يدع، وقد ذكرنا جواز التنكير في قوله ﴿وَيْلٌ﴾ مع كونه مبتدأ لأنه في تقدير المنصوب لأنه دعاء ومضى، وجهه في قوله تعالى :﴿قَالَ سلام﴾ [ الذاريات : ٢٥ ] والخوض نفسه خص في استعمال القرآن بالاندفاع في الأباطيل، ولهذا قال تعالى :﴿وَخُضْتُمْ كالذي خَاضُواْ﴾ [ التوبة : ٦٩ ] وقال تعالى :﴿وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الخائضين﴾ [ المدثر : ٤٥ ] وتنكير الخوض يحتمل وجهين أحدهما : أن يكون للتكثير أي في خوض كامل عظيم ثانيهما : أن يكون التنوين تعويضاً عن المضاف إليه، كما في قوله تعالى :﴿إِلاً﴾ [ التوبة : ٨ ] وقوله ﴿وَإِنَّ كُلاًّ﴾ [ هود : ١١١ ] و ﴿بَعْضَهُم بِبَعْضٍ﴾ [ البقرة : ٢٥١ ].