وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يَوْمَ تَمُورُ السمآء مَوْراً ﴾
العامل في يوم قوله :"وَاقِعٌ" أي يقع العذاب بهم يوم القيامة وهو اليوم الذي تمور فيه السماء.
قال أهل اللغة : مار الشيءُ يَمور مَوْراً، أي تحرّك وجاء وذهب كما تَتَكفَّأ النخلةُ العَيْدانة، أي الطويلة، والتُّمور مثله.
وقال الضحاك : يموج بعضها في بعض.
مجاهد : تدور دوراً.
أبو عبيدة والأخفش : تكفأ، وأنشد للأعشى :
كأنّ مِشْيَتها مِن بيتِ جارتِهَا...
مَوْرُ السَّحابةِ لا رَيْثٌ ولا عَجَلُ
وقيل تجري جرياً.
ومنه قول جرير :
وما زالتِ القَتْلَى تَمُورُ دِماؤُهَا...
بِدجلةَ حتَّى ماءُ دجلةَ أَشْكَلُ
وقال ابن عباس : تمور السماء يومئذ بما فيها وتضطرب.
وقيل : يدور أهلها فيها ويموج بعضهم في بعض.
والمور أيضاً الطريق.
ومنه قول طَرفة :
...
فَوْقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ...
والْمَوْرُ الموج.
وناقة مَوَّارة اليد أي سريعة.
والبعير يمور عضداه إذا ترددا في عَرْض جنبه، قال الشاعر :
على ظَهْرِ مَوَّارِ المِلاَطِ حِصَانِ...
المِلاط الجنب.
وقولهم : لا أدري أغارَ أم مَارَ ؛ أي أتى غوراً أم دار فرجع إلى نجد.
والمُور بالضم الغبار بالريح.
وقيل : إن السماء هاهنا الفلك وموره اضطراب نظمه واختلاف سيره ؛ قاله ابن بحر.
﴿ وَتَسِيرُ الجبال سَيْراً ﴾ قال مقاتل : تسير عن أماكنها حتى تستوي بالأرض.
وقيل : تسير كسير السحاب اليوم في الدنيا ؛ بيانه ﴿ وَتَرَى الجبال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السحاب ﴾ [ النمل : ٨٨ ].
وقد مضى هذا المعنى في "الكهف".
﴿ فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾ "وَيْلٌ" كلمة تقال للهالك، وإنما دخلت الفاء لأن في الكلام معنى المجازاة.
﴿ الذين هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ ﴾ أي في تردد في الباطل، وهو خوضهم في أمر محمد بالتكذيب.
وقيل : في خوض في أسباب الدنيا يلعبون لا يذكرون حساباً ولا جزاء.