﴿ فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ ﴾ أيْ إذَا وقعَ ذلكَ أوْ إذَا كانَ الأمرُ كَما ذكرَ فويلٌ يومَ إذْ يقعُ ذلكَ لَهُم ﴿ الذين هُمْ فِى خَوْضٍ ﴾ أي اندفاعِ عجيبٍ في الأباطيلِ والأكاذيبِ ﴿ يَلْعَبُونَ ﴾ يلهوُن ﴿ يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا ﴾ أيْ يدفعونَ إليَها دفعاً عنيفاً شديداً بأَنْ تغلَّ أيديهمْ إلى أعناقِهم وتجمعَ نواصيهِم إلى أقدامِهم فيدُفعُوا إِلى النارِ وَقُرِىءَ يُدْعَوْنَ منَ الدُّعاءِ فيكونُ دعَّا حالاً بمَعْنى مدعوعينَ. ويومَ إمَّا بدلٌ منْ يومَ تمورُ أَوْ ظرفٌ لقولٍ مقدرٍ قبلَ قولِه تعالَى :﴿ هذه النار التى كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ ﴾ أيْ يُقالُ لَهُم ذلكَ ومَعنْى التكذيبِ بَها تكذيبُهم بالوحِي الناطقِ بَها وقولُه تعالَى :﴿ أَفَسِحْرٌ هذا ﴾ توبيخٌ وتقريعٌ لَهُم حيثُ كانُوا يسمُّونَهُ سِحْراً كأنَّه قيلَ كُنتم تقولونَ للقرآنِ الناطقِ بهذا سحرٌ فهَذا أَيْضاً سحرٌ. وتقديمُ الخبرِ لأنَّه محطُّ الإنكارِ ومدارُ التوبيخِ ﴿ أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ ﴾ أيْ أَمْ أنتُم عُمْيٌ عنِ المُخبَر عَنْه كما كُنتم عمياً عن الخبرِ، أو أمْ سُدَّتْ أبصارُكم كما سُدَّتْ في الدُّنيا على زعمكِم حيثُ كُنْتم تقولونَ ﴿ إنَّما سكّرتْ أبصارُنَا بَلْ تحنُ قومٌ مسحورونَ ﴾ ﴿ اصلوها فاصبروا أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ ﴾ أي ادْخلُوهَا وقاسُوا شدائدَهَا فافعلُوا ما شئِتُم منَ الصَّبرِ وعدمِه ﴿ سَوَاء عَلَيْكُمْ ﴾ أي الأمرانِ في عدمِ النفعِ لاَ بدفعِ العذابِ ولا بتخفيفهِ وقولُه تعالَى :﴿ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ تعليلٌ للاستواءِ فإنَّ الجزاءَ حيثُ كانَ واجبَ الوقوعِ حتماً كان الصبرُ وعدمُه سواءً في عَدمِ النَّفعِ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon