قال ابن السكيت فيما رواه عنه الجبائي الخطوة والخطوة بمعنى واحد وحكى عن الفراء : خطوت خطوة والخطوة ما بين القدمين كما يقال : حثوت حثوة، والحثوة اسم لما تحثيت، وكذلك غرفت غرفة والغرفة اسم لما اغترفت، وإذا كان كذلك فالخطوة المكان المتخطى كما أن الغرفة هي الشيء المغترف بالكف فيكون المعنى : لا تتبعوا سبيله ولا تسلكوا طريقه لأن الخطوة اسم مكان، وهذا قول الزجاج وابن قتيبة فانهما قالا : خطوات الشيطان طر فهو إن جعلت الخطوة بمعنى الخطوة كما ذكره الجبائي فالتقدير : لا تأتموا به ولا تقفوا أثره والمعنيان مقاربان وإن اختلف التقديران هذا ما يتعلق باللغة، وأما المعنى فليس مراد الله ههنا ما يتعلق باللغة بل كأنه قيل لمن أبيح له الأكل على الوصف المذكور احذر أن تتعداه إلى ما يدعوك إليه الشيطان وزجر المكلف بهذا الكلام عن تخطي الحلال إلى الشبه كما زجره عن تخطيه إلى الحرام لأن الشيطان إنما يلقي إلى المرء ما يجري مجرى الشبهة فيزين بذلك ما لا يحل له فزجر الله تعالى عن ذلك، ثم بين العلة في هذا التحذير، وهو كونه عدواً مبيناً أي متظاهر بالعداوة، وذلك لأن الشيطان التزم أموراً سبعة في العداوة أربعة منها في قوله تعالى :﴿وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنّيَنَّهُمْ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتّكُنَّ ءَاذَانَ الأنعام وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيّرُنَّ خَلْقَ الله﴾ [النساء : ١١٩] وثلاثة منها في قوله تعالى :﴿لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صراطك المستقيم ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أيمانهم وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكرين﴾ [الأعراف : ١٦ ١٧] فلما التزم الشيطان هذه الأمور كان عدواً متظاهراً بالعداوة فلهذا وصفه الله تعالى بذلك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ٤﴾
وقال الماوردى :


الصفحة التالية
Icon