أحدهما : أنه ما يصدر منهم من التعظيم، والمدح، والثناء والعبادة خالصة عن الشرك وعما لا ينبغي من الاعتقاد ومحبة غيرهم ليست كذلك.
والثاني : أن حبهم لله اقترن به الرجاء والثواب والرغبة في عظيم منزلته والخوف من العقاب والأخذ في طريق التخلص منه، ومن يعبد الله ويعظمه على هذا الحد تكون محبته لله أشد، وأما العارفون فقالوا : المؤمنون هم الذين عرفوا الله بقدر الطاقة البشرية، وقد دللنا على أن الحب من لوازم العرفان فكلما كان عرفانهم أتم وجب أن تكون محبتهم أشد. أ هـ
﴿مفاتيح الغيب حـ ٤ صـ ١٨٥ ـ ١٨٧﴾
سؤال : فإن قيل : كيف يمكن أن يقال محبة المؤمنين لله تعالى أشد مع أنا نرى الهنود يأتون بطاعات شاقة لا يأتي بشيء منها أحد من المسلمين ولا يأتون بها إلا لله تعالى ثم يقتلون أنفسهم حباً لله ؟.
والجواب من وجوه.
أحدها : أن الذين آمنوا لا يتضرعون إلا إلى الله بخلاف المشركين فإنهم يعدلون إلى الله عند الحاجة، وعند زوال الحاجة، يرجعون إلى الأنداد، قال تعالى :﴿فَإِذَا رَكِبُواْ فِى الفلك دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين﴾ [العنكبوت : ٦] إلى آخره والمؤمن لا يعرض عن الله في الضراء والسراء والشدة والرخاء، والكافر قد يعرض عن ربه، فكان حب المؤمن أقوى.
وثانيها : أن من أحب غيره رضي بقضائه، فلا يتصرف في ملكه، فأولئك الجهال قتلوا أنفسهم بغير إذنه، أما المؤمنون فقد يقتلون أنفسهم بإذنه، وذلك في الجهاد.
وثالثها : أن الإنسان إذا ابتلي بالعذاب الشديد لا يمكنه الاشتغال بمعرفة الرب، فالذي فعلوه باطل.
ورابعها : قال ابن عباس : إن المشركين كانوا يعبدون صنماً، فإذا رأوا شيئاً أحسن منه تركوا ذلك وأقبلوا على عبادة الأحسن.
وخامسها : أن المؤمنين يوحدون ربهم، والكفار يعبدون مع الصنم أصناماً فتنقص محبة الواحد، أما الإله الواحد فتنضم محبة الجميع إليه. أ هـ
﴿مفاتيح الغيب حـ ٤ صـ ١٨٧﴾


الصفحة التالية
Icon