وجيء بالفعل بعد (إذ) هنا ماضياً مع أنه مستقبل في المعنى لأنه إنما يحصل في الآخرة تنبيهاً على تحقق وقوعه فإن درجتَ على أن إذ لا تخرج عن كونها ظرفاً للماضي على رأي جمهور النحاة فهي واقعة موقع التحقيق مثل الفعل الماضي الذي معها فتكون ترشيحاً للتبعية، وإن درجت على أنها ترد ظرفاً للمستقبل وهو الأصح ونسبه في " التسهيل" إلى بعض النحاة، وله شواهد كثيرة في القرآن قال تعالى :﴿ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه﴾ [آل عمران : ١٥٢] على أن يكون ﴿إذ تحسونهم﴾ هو الموعود به وقال :﴿فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم﴾ [غافر : ٧١] فيكون المجاز في فعل ﴿تَبرَّأ﴾ خاصة.
والتبرؤ تكلف البراءة وهي التباعد من الأمر الذي من شأن قُرْبه أن يكون مضراً ولذلك يقال تبارآ إذا أبعد كلٌ الآخر من تبعةٍ محققة أو متوقعة. أ هـ
﴿التحرير والتنوير حـ٢ صـ ٩٦﴾
قوله تعالى ﴿وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ﴾
قال الفخر :
ذكروا في تفسير الأسباب سبعة أقوال.
الأول : أنها المواصلات التي كانوا يتواصلان عليها، عن مجاهد وقتادة والربيع.
الثاني : الأرحام التي كانوا يتعاطفون بها عن ابن عباس وابن جريج.
الثالث : الأعمال التي كانوا يلزمونها عن ابن زيد والسدي.
والرابع : العهود والحلف التي كانت بينهم يتوادون عليها، عن ابن عباس.
الخامس : ما كانوا يتواصلون به من الكفر وكان بها انقطاعهم عن الأصم.
السادس : المنازل التي كانت لهم في الدنيا عن الضحاك والربيع بن أنس.
السابع : أسباب النجاة تقطعت عنهم والأظهر دخول الكل فيه، لأن ذلك كالنفي فيعم الكل فكأنه قال : وزال عنهم كل سبب يمكن أن يتعلق به وأنهم لا ينتفعون بالأسباب على اختلافها من منزلة وسبب ونسب وخلف وعقد وعهد، وذلك نهاية ما يكون من اليأس فحصل فيه التوكيد العظيم في الزجر. أ هـ
﴿مفاتيح الغيب حـ٤ صـ ١٩٠﴾
سؤال : ما المراد بالأسباب ؟