﴿فَذَرْهُمْ﴾ أمر وكان يجب أن يقال لم يبق للنبي ﷺ جواز دعائهم إلى الإسلام وليس كذلك، والجواب عنه من وجوه أحدها : أن هذه الآيات مثل قوله تعالى :﴿فَأَعْرَضَ﴾ [ النساء : ٦٣ ] و ﴿تَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ [ الصافات : ١٧٨ ] إلى غير ذلك كلها منسوخة بآية القتال وهو ضعيف، ثانيها : ليس المراد الأمر وإنما المراد التهديد كما يقول سيد العبد الجاني لمن ينصحه دعه فإنه سينال وبال جنايته ثالثها : أن المراد من يعاند وهو غير معين والنبي ﷺ كان يدعو الخلق على سبيل العموم ويجوز أن يكون المراد بالخطاب من لم يظهر عناده لا من ظهر عناده فلم يقل الله في حقه ﴿فَذَرْهُمْ﴾ ويدل على هذا أنه تعالى قال من قبل ﴿فَذَكّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبّكَ بكاهن وَلاَ مَجْنُونٍ﴾ [ الطور : ٢٩ ] وقال ههنا ﴿فَذَرْهُمْ﴾ فمن يذكرهم هم المشفقون الذين ﴿قَالُواْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِى أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ﴾ [ الطور : ٢٦ ] ومن يذرهم الذين قالوا ﴿شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون﴾ [ الطور : ٣٠ ] إلى غير ذلك.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon