دون ذلك، على قول أكثر المفسرين معناه قبل ويؤيده قوله تعالى :﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مّنَ العذاب الأدنى دُونَ العذاب الأكبر﴾ [ السجدة : ٢١ ] ويحتمل وجهين آخرين أحدهما : دون ذلك، أي أقل من ذلك في الدوام والشدة يقال الضرب دون القتل في الإيلام، ولا شك أن عذاب الدنيا دون عذاب الآخرة على هذا المعنى، وعلى هذا ففيه فائدة التنبيه على عذاب الآخرة العظيم وذلك لأنه إذا قال عذاباً دون ذلك أي قتلاً وعذاباً في القبر فيتفكر المتفكر ويقول ما يكون القتل دونه لا يكون إلا عظيماً، فإن قيل فهذا المعنى لا يمكن أن يقال في قوله تعالى :﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مّنَ العذاب الأدنى دُونَ العذاب الأكبر﴾ قلنا نسلم ذلك ولكن لا مانع من أن يكون المراد ههنا هذا الثاني على طريقة قول القائل : تحت لجاجك مفاسد ودون غرضك متاعب، وبيانه هو أنهم لما عبدوا غير الله ظلموا أنفسهم حيث وضعوها في غير موضعها الذي خلقت له فقيل لهم إن لكم دون ذلك الظلم عذاباً.
المسألة الرابعة :
﴿ذلك﴾ إشارة إلى ماذا ؟ نقول الظاهر أنه إشارة إلى اليوم وفيه وجهان آخران أحدهما : في قوله ﴿يُصْعَقُونَ﴾ [ الطور : ٤٥ ] وقوله ﴿يُغْنِى عَنْهُمْ﴾ [ الطور : ٤٦ ] إشارة إلى عذاب واقع فقوله ذلك إشارة إليه، ويمكن أن يقال قد تقدم قوله ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ﴾ [ الطور : ٧ ] وقوله ﴿دُونِ ذَلِكَ﴾، أي دون ذلك العذاب ثانيهما :﴿دُونِ ذَلِكَ﴾، أي كيدهم فذلك إشارة إلى الكيد وقد بينا وجهه في المثال الذي مثلنا وهو قول القائل : تحت لجاجك حرمانك، والله أعلم.
المسألة الخامسة :


الصفحة التالية
Icon