وقد أصيب الإسلام نفسه بأهل إفك نسبوا إلى رسولهم أنه مدح الأصنام، وسماها الغرانيق العلا!! وما روى ذلك محدث ولا فقيه، ومن زعم ذلك فالإسلام منه برىء، إن النجم قد يهوى لكن محمدا ما هوى قط.. إن الإسلام نزل ليرسم طريق الإحسان للبشر، ومع أن الله غنى عن خلقه، إلا أنه يحب لهم الزكاة والرشد، والقرآن منهاج الاستقامة أو معراج الرفعة، فمن شاء أحسن ومن شاء أساء " ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى * الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى". والآيات مع نشدانها للكمال تفيد أن لكل جواد كبوة ولكل صارم نبوة، وأن طبيعة الأرض قد تغلب مهبط الروح، وأن المكلف ينبغى أن يشتد تعلقه بالمغفرة العليا، وأن يكون تعويله على الفضل الإلهى.. والمنتظر من أولى الألباب إذا عرض عليهم الدين أن يقولوا " ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا.. ". وأن تنضم إلى ذلك رغبة فى التسامى، وكراهية للإخلاد إلى الأرض. أما أصحاب العناد والسفه، فهم ينكصون على أعقابهم، ويرجعون القهقرى "أفرأيت الذي تولى * وأعطى قليلا وأكدى * أعنده علم الغيب فهو يرى" ؟ وليست هذه المسالك صفات شخص بعينه، فهى تصوير لنموذج الكفر الشائع قديما وحديثا. وقد رأيت ملاحدة العصر فرأيت الإعراض عن الحق والغرور بالباطل والاستعلاء على الآخرين والجمود على القليل المتاح لهم. والواقع أن الكفر بمحمد تجاوز للوحى كله والأنبياء عامة " أم لم ينبأ بما في صحف موسى * وإبراهيم الذي وفى * ألا تزر وازرة وزر أخرى * وأن ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه سوف يرى * ثم يجزاه الجزاء الأوفى". لب الإيمان الانتقال من الخلق إلى الخالق ومن العالم إلى ربه الكبير، فالحى والجماد يدلان على الله.