[/ب] وَقال الله تبارك وَتعالى ـ وَهو أصدق قيلا ـ ﴿أئِذَا كُنَّا تُرَاباً وَأباؤنا﴾ فرَدَّ الآباء على المضمر فى "كُنا" إلاَّ أنَّه حسن لما حيلَ بينهما بالتُّراب. وَالكلامُ: أئذا كنَّا تُراباً نحنُ وآباؤنا.
﴿ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَآ أَوْحَى ﴾
وقوله عز وجل: ﴿ثُمَّ دَنَا...﴾.
يعنى: جبريل صلى الله عليه، دنا من محمد صلى الله عليه حتَّى كان قابَ قوسين عَرَبيَّتينِ أو أدنى. ﴿فَأَوْحَى...﴾ يعني: جبريل عليه السلام ﴿إِلَى عَبْدِهِ...﴾: إلى محمد صلى اللهُ عليه عبدالله: ﴿مَآ أَوْحَى...﴾.
وقوله تبارك وتعالى ﴿فَتَدَلَّى...﴾ كأن المعنى: ثم تدَلَّى فدَنا، وَلكنه جائز إذا كان معنى الفعلين وَاحداً أو كالواحِدِ قدمتَ أيهما شئت، فقلتَ: قد دنا فقرُبَ، وقرُبَ فدَنا وشتمنى فأساء، وأساء فشتَمَنِى، وقال الباطِلَ ؛ لأن الشتمَ، والإساءة شىءٌ واحدٌ.
وكذلك قوله: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعةُ وانْشَقَّ القمر﴾.
والمعنى ـ والله أعلم ـ انشق القمرُ واقتربت الساعةُ، والمعنى واحدٌ.
﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾
وقوله عز وجل: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ...﴾.
فؤاد محمد ـ صلى الله عليه ـ ﴿مَا رَأَى﴾، يقول: قد صَدَقَهُ فؤاده الذى رأى، و "كذَّبَ" يُقرأ بالتشديد والتخفيف. خففها عاصم، والأعمش، وشيبة، ونافع المدنيانِ [/ا] وشدَّدَها الحسنُ البصرىُّ، وأبو جعفر المدنى.
وكأن من قالَ: كَذْبَ يُريدُ: أن الفؤاد لم يكذّب الذى رأى، ولكن جعلَه حقاً صِدْقاً وقد يجوز أن يُريد: ما كذَّب صاحبَه الذى رأى. ومن خفف قالَ: ما كذب الذى رأى، ولكنه صدَقَهُ.
﴿ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ﴾
وقوله عز وجل: ﴿أَفَتُمَارُونَهُ...﴾.
أى: أفتجحدونَه.