وإن رأيتَ أولها مَكْسُوراً هى مثل قولهم: بيضٌ: وعِينٌ ـ كانَ أولُها مَضْمُوماً فَكرَِهُوا أن يُتركَ على ضَمَّتهِ، فيقالُ: بُوضٌ، وعُونٌ.
والواحِدةُ: بَيضاءُ، وعَيناءُ: فَكَسرُوا أولَها ليكُونَ بالياء ويتألف الجَمْعُ والاثنان والواحدَة.
كذلِكَ كرهُوا أن يَقولوا: ضُوزَى، فتصيرُ واواً، وهَى من الياء، وإنّما قضيتُ على أوّلها يالضَّم لأنّ النُّعوتَ للمؤنّث تأتى إمّا: بفَتْح وإمَّا بِضَمٍّ:
فالمفتُوح: سَكْرى، عَطْشَى، والمضمومُ: الأُنثى، والحُبُلْى ؛ فإذا كانَ اسماً ليس بنعتٍ كُسِرَ أوله كقوله: ﴿وَذَكِّر فإِنَّ الذِّكرى﴾، الذِّكرى اسم لذلِكَ كسرتْ، ولَيستْ بنَعْتٍ، وكذلِكَ (الشِّعْرَى) كُسرَ أولها لانها اسمٌ ليست بنعتٍ.
وحَكَى الكِسائِى عن عيسى: ضِيزَى.
﴿ أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّى ﴾
وقوله: ﴿أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّى...﴾ ما اشتَهى.
﴿ فَلِلَّهِ الآخِرَةُ والأُولَى ﴾
وقوله: ﴿فَلِلَّهِ الآخِرَةُ والأُولَى...﴾ ثَوابهما.
﴿ وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَى ﴾
وقوله: ﴿وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ...﴾: ثم قال ﴿لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً...﴾.
فَجَمعَ، وإنّما ذَكَرَ مَلَكاً واحداً، وذلِك أن (كَمْ) تَدُلُّ على أنَّهُ أرادَ جمعاً، والعَربُ تذْهَب بأحد وبالواحد إلى الجمع فى المعنى يقولونَ: هَلْ اختصمَ أحدٌ اليومَ. والأختصامُ لا يَكُونُ إلا للاثنين، فما زادَ.
وقد قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: ﴿لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾، فبيْنَ لا تَقعُ إلاّ عَلى الاثنين فما زادَ.
وقولهُ: ﴿فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجزين﴾ مما دل على أَن أحداً يكُونُ للجمع وللواحد.
و[معنى] قوله: ﴿وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ﴾.
مما تعبُدونه وتزعمونَ أنهم بناتُ الله لا تغنى شفاعتهم عنكم شيئا.