"ما كَذَبَ الْفُؤادُ" أي قلب الموحى اليه محمد صلّى اللّه عليه وسلم "ما رَأى ١١" بعينه وبصره من جبريل أو ما رأى ليلة المعراج من عجائب مكونات ربه وذاته المقدسة "أَ فَتُمارُونَهُ" تجادلونه يا كفار قريش، وقرىء أفتمرونه أي تغلبونه أو تجحدونه كما قرىء كذّب بالتشديد "عَلى ما يَرى ١٢" ويعاين من صورة جبريل الحقيقة التي ذكرها لكم أو مما قصه عليكم في ما شاهده في الإسراء والمعراج من العجائب وذلك أنه لما أخبرهم بإسرائه وقالوا له صف لنا بيت المقدس وأخبرنا عن عيرنا فوصفه لهم وأخبرهم عن عيرهم وثبت لهم صدقه ومع هذا كذبوه كما سيأتي أول الإسراء الآتية "وَلَقَدْ رَآهُ" رأى محمد جبريل "نَزْلَةً أُخْرى ١٣" مرة ثانية في صورته الحقيقية حال بلوغه "عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى ١٤" الكائنة في السماء السابعة وهي شجرة نبق عن يمين العرش التي ينتهي عندها كل أحد ولا يتجاوزها أحد من الملائكة أو رأى ربه عز وجل "عِنْدَها أي السدرة التي ت (١٣)
بقربها "جَنَّةُ الْمَأْوى ١٥" التي تأوى إليها أرواح الشهداء في الدنيا والمتقون أجمع في الآخرة "إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ١٦" من تكبير وتعظيم وتهليل وتمجيد من الخلائق المختلفة الدالة على عظمة الخالق مما لا يحيط به الوصف ولا تسعه الأذهان ويعجز عنه النطق به كل لسان "ما زاغَ الْبَصَرُ" من محمد ولا حال عن رؤية ومشاهدة العجائب التي أبدعها المبدع وأمر رسوله برؤيتها حينما عرضها عليه ومكنه من رؤيتها في تلك الحضرة المقدسة لا يمينا ولا شمالا وهو غاية في أدبه صلّى اللّه عليه وسلم في ذلك المقام الجليل إذ لم يلتفت اليه وهذا يؤيد كون الذي يغشى السدرة هو نور رب العزة لا الملائكة ولا الفراش الذهبي ولا أنواع المخلوقات وان نظر الرسول ما حال دون رؤية ربه عز وجل بصعقة أو غشية كما حصل لموسي وابراهيم عليهما وعليه أفضل الصلاة السلام.