أن الإدراك الوارد بالآية معناه الإحاطة واللّه تعالى لا يحيط بعلمه أحد ولا يحاط به، وإذا ورد النفي بنفي الإحاطة لا يلزم نفي الرؤية بغير إحاطة، واللّه تعالى يرى بلا كيفية ولا احاطة فلو كانت الرؤية غير جائزة لما طلبها موسى، أو يلزم مع الرؤية وجود الكلام ليصح الاحتجاج بآية (وَما كانَ لِبَشَرٍ) بل تجرز من غير كلام، فارتفع الاحتجاج بها على أن ما من عموم إلا وخصّ منه البعض، فيمكن أن يقال : نفي الرؤية عام في حق البشر في الدنيا مخصوص بسيدنا محمد عليه السلام فيها ثابت بما تقدم من الأدلة، ولهذا فإن ثبوت الرؤية لسيدنا محمد ثابتة قاله كعب واحمد ابن حنبل وابو الحسن الأشعري وجعفر بن محمد ومحمد بن كعب والقاضي عياض والشيخ محي الدين النووي وغيرهم من أكابر السلف والخلف فمن أنكرها فجزاؤه حرمانها واعلم أن في جملة ما زاغ البصر إلخ أخبار من اللّه تعالى عن حسن أدبه صلّى اللّه عليه وسلم لدى الحضرة الإلهية وعن اعتدال قلبه المقدس في الإقبال اليه بكلية والإعراض عن سواه وعدم الالتفات إلى ما في


الصفحة التالية
Icon