اللسان وشهوات النفس في غير ما نصّ عليه وما ينشيء من فترة مراقبة التقوى فليس من الكبائر بل من الصغائر وهي أقرب للمغفرة ويوشك أن يكفرها الصوم والصلاة والصدقة، وقد يغفرها اللّه عفوا نكرما منه ويكاد أن يجعلها حسنات إذا اقترنت بالندم والاستغفار راجع الآية ٧١ من سورة الفرقان الآتية وكذلك الكبائر إذا أعقبها بتوبة خالصة وعمل صالح من صوم أو صلاة أو صدقة فيوشك أن يقلبها اللّه له صغائر ويغفرها
أما ما يتعلق فيه حق الغير من الكبائر والصغائر فلا بد من إرجاع ما أخذ لأهله وإرضائه واستعفائه، وإن لم يقدر على شيء من ذلك فيعود إلى مشيئة اللّه ويسعها قوله "إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ" لمن تاب وأتاب وحسنت نيته وقد يغفر بدون شيء من ذلك لمن شاء عدا الشرك راجع الآية ٤٨ من سورة النساء في ج ٣ وإذا أراد أن يطمئن على نفسه من عذاب اللّه وقبول توبته فليجتهد برد المظالم لأهلها أو ورثتهم أو يتصدق بها على الفقراء وينوي ثوابها إليهم، هذا واللّه تعالى "هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ" أيها المؤمنون وأعلم بما تفعلونه قبل خلقكم "إِذْ أَنْشَأَكُمْ" براكم من النطفة وخلق أباكم آدم "مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ" أي وهو أعلم بأحوالكم حالة كونكم "أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ" وما أنتم صائرون اليه بعد فاعملوا خيرا لدينكم ودنياكم وآخرتكم "فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ" وتمدحوها بالطهارة من الذنوب فانه يعلم كل نفس وما هي صائرة اليه وما تصنعه في الدنيا وما تناله في الآخرة، فلا تفضلوا أنفسكم على غيركم في الحالة التي أنتم فيها لأنكم لا تعلمون العاقبة واللّه وحده "هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى ٣٢" منكم ومن أذنب فأكتفوا بعلمه عن علم الناس وجزائه عن جزائهم وثنائه عن ثنائهم.