"أَ فَرَأَيْتَ" يا أكمل الرسل هذا "الَّذِي تَوَلَّى ٣٣" عن الإيمان وعاد إلى الكفر "وَأَعْطى قَلِيلًا" مما تعهد به إلى من أغواه "وَأَكْدى ٣٤" قطع عطاءه وبخل بما وعد به وأصل الكدي من الكدية وهي حجر يظهر في البئر فيمنع من الحفر، نزلت هذه الآية في الوليد بن المغيرة كان اتبع حضرة الرسول فعيره المشركون بقوله تركت دين الأشياخ وضللت قال أني خشيت اللّه وعذابه قال فأنا أضمن لك إن أعطيتني كذا من المال ورجعت إلى دين آبائك فأتحمل عنك عذاب اللّه فرجع الوليد إلى الشرك واعطى الذي عيره وتعهد له بعض الذي ضمنه له من المال ومنعه الباقي ثم وبخه اللّه بقوله "أَ عِنْدَهُ" اي هذا الذي تولى "عِلْمُ الْغَيْبِ" بأن صاحبه يتحمل عنه ما يخافه من عذاب اللّه يوم القيامة "فَهُوَ يَرى ٣٥" ما خفى عنه وهل يبصر شيئا من الغيب "أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ" بخبر "بِما فِي صُحُفِ مُوسى ٣٦" أسفاره وتوراته "وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى ٣٧" ما أمره به ربه من تبليغ الرسالة وبما فرض عليه فيها من التكاليف التي منها امتثاله الأمر بذبح ولده، قال عطاء بن السائب : عهد ابراهيم على نفسه ان لا يسأل أحدا غير اللّه فلما قذف في النار قال له جبريل ألك حاجة، قال أما إليك فلا، وفاء بعهده فأنجاه اللّه ثم أخبر اللّه عما في صحفهما فقال :"أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ٣٨" اي لا تحمل نفس غير ذنبها كما لا تعاقب الا عليه راجع تفسير الآية ١٩ من سورة الأعلى المارة والمعنى لم يبلغه ذلك قبلا إذا كان لم يبلغه شيء من هذا المعنى الآن قال ابن عباس : كانوا قبل ابراهيم يأخذون الرجل بذنب غيره فيقتلونه بأبيه وأخيه وامرأته وعبده وتعلقاته كما يفعل اعراب البادية الآن إذ جرت عادتهم أن يقتلوا الرجل أو أن يسلبوه بقتل او سلب أحد من أقاربه وكانت الجاهلية